للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُوَ مَا يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ بِـ " كَسَادِ النَّقْدِ " (١) .

فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ: لَوِ اشْتَرَى شَخْصٌ سِلْعَةً بِنَقْدٍ مُحَدَّدٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ كَسَدَ ذَلِكَ النَّقْدُ قَبْل الْوَفَاءِ، أَوِ اسْتَدَانَ نَقْدًا مَعْلُومًا ثُمَّ كَسَدَ قَبْل الأَْدَاءِ، أَوْ وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ الْمَهْرُ الْمُؤَجَّل نَقْدًا مُحَدَّدًا، ثُمَّ كَسَدَ قَبْل حُلُولِهِ. فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:

الْقَوْل الأَْوَّل: لأَِبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ أَنَّ النَّقْدَ الَّذِي كَسَدَ إِذَا كَانَ ثَمَنًا فِي بَيْعٍ، فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الْعَقْدَ، وَيَجِبُ الْفَسْخُ مَا دَامَ مُمْكِنًا؛ لأَِنَّهُ بِالْكَسَادِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ ثَمَنًا، حَيْثُ إِنَّ ثَمَنِيَّتَهُ ثَبَتَتْ بِالاِصْطِلاَحِ، فَإِذَا تَرَكَ النَّاسُ التَّعَامُل بِهِ، فَإِنَّهَا تَزُول عَنْهُ صِفَةُ الثَّمَنِيَّةِ، فَيَبْقَى الْمَبِيعُ بِلاَ ثَمَنٍ، فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ. أَمَّا إِذَا كَانَ دَيْنًا فِي قَرْضٍ أَوْ مَهْرًا مُؤَجَّلاً، فَيَجِبُ رَدُّ مِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ كَاسِدًا؛ لأَِنَّهُ هُوَ الثَّابِتُ فِي الذِّمَّةِ لاَ غَيْرُهُ (٢) . حَيْثُ " إِنَّ الْقَرْضَ إِعَارَةٌ، وَمُوجِبُهَا رَدُّ الْعَيْنِ مَعْنًى، وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِرَدِّ مِثْلِهِ


(١) الكساد في اللغة: عدم النفاق لقلة الرغبات. (المصباح المنير ٢ / ٦٤٤) ، أما في اصطلاح الفقهاء: " فهو أن يبطل التداول بنوع من العملة، ويسقط رواجها في البلاد كافة ". (شرح المجلة لعلي حيدر (١ / ١٠٨) ، تبيين الحقائق ٤ / ١٤٣، تنبيه الرقود لابن عابدين ٢ / ٦٠.
(٢) الفتاوى الهندية ٣ / ٢٢٥، بدائع الصنائع ٧ / ٣٢٤٤ وما بعدها، تبيين الحقائق ٤ / ١٤٢، درر الحكام لعلي حيدر ٣ / ٩٤