للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" ٨٠٥ " مِنْ مُرْشِدِ الْحَيْرَانِ حَيْثُ جَاءَ فِيهَا: " إِذَا اسْتَقْرَضَ مِقْدَارًا مُعَيَّنًا مِنَ الْفُلُوسِ الرَّائِجَةِ وَالنُّقُودِ غَالِبَةِ الْغِشِّ (١) ، فَكَسَدَتْ وَبَطَل التَّعَامُل بِهَا فَعَلَيْهِ رَدُّ قِيمَتِهَا يَوْمَ قَبْضِهَا لاَ يَوْمَ رَدِّهَا ".

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ:

أَوَّلاً: بِأَنَّ إِيقَافَ التَّعَامُل بِهَا مِنْ قِبَل الْجِهَةِ الْمُصْدِرَةِ لَهَا مَنْعٌ لِنَفَاقِهَا وَإِبْطَالٌ لِمَالِيَّتِهَا، إِذْ هِيَ أَثْمَانٌ بِالاِصْطِلاَحِ لاَ بِالْخِلْقَةِ، فَصَارَ ذَلِكَ إِتْلاَفًا لَهَا، فَيَجِبُ بَدَلُهَا وَهُوَ الْقِيمَةُ بِنَاءً عَلَى قَاعِدَةِ الْجَوَابِرِ. ثَانِيًا: وَلأَِنَّ الدَّائِنَ قَدْ دَفَعَ شَيْئًا مُنْتَفَعًا بِهِ لأَِخْذِ عِوَضٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ، فَلاَ يُظْلَمُ بِإِعْطَائِهِ مَا لاَ يَنْتَفِعُ بِهِ.

قَالُوا: وَإِنَّمَا اعْتُبِرَتِ الْقِيمَةُ يَوْمَ التَّعَامُل؛ لأَِنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ.

وَالْقَوْل الثَّالِثُ: لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ وَبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَدِينِ رَدُّ قِيمَةِ النَّقْدِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ التَّعَامُل مِنَ النَّقْدِ الآْخَرِ وَقْتَ الْكَسَادِ، أَيْ فِي آخِرِ نَفَاقِهَا، وَهُوَ آخِرُ مَا تَعَامَل النَّاسُ بِهَا؛ لأَِنَّهُ وَقْتُ الاِنْتِقَال إِلَى الْقِيمَةِ، إِذْ كَانَ يَلْزَمُهُ رَدُّ مِثْلِهَا مَا دَامَتْ نَافِقَةً، فَإِذَا كَسَدَتِ انْتَقَل إِلَى قِيمَتِهَا حِينَئِذٍ (٢) .


(١) المراد بالنقود غالبة الغش: العملة التي يكون غالبها من معدن غير الذهب والفضة
(٢) الشرح الكبير على المقنع ٤ / ٣٥٨، الفتاوى الهندية ٣ / ٢٢٥، الزيلعي ٤ / ١٤٣، وحاشية الشلبي على تبيين الحقائق ٤ / ١٤٢، تنبيه الرقود ٢ / ٥٩، درر الحكام شرح مجلة الأحكام ٣ / ٩٤ وقد جاء في كتب الحنفية المشار إليها نقلا عن المحيط والتيمة والحقائق أن الفتوى في المذهب على قول الإمام محمد بن الحسن رفقًا بالمدينين؛ حيث إن القيمة في آخر النفاق تكون عادة أقل منها يوم التعامل