للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} (١) . وَقَال: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (٢) . وَالذِّبْحُ - بِكَسْرِ الذَّال - بِمَعْنَى الْمَذْبُوحِ وَهُوَ الْكَبْشُ الَّذِي فُدِيَ بِهِ إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ وَلأَِنَّ الأَْصْل فِي الذَّكَاةِ إِنَّمَا هُوَ الأَْسْهَل عَلَى الْحَيَوَانِ، وَمَا فِيهِ نَوْعُ رَاحَةٍ لَهُ فَهُوَ أَفْضَل، وَالأَْسْهَل فِي الإِْبِل النَّحْرُ لِخُلُوِّ لَبَّتِهَا عَنِ اللَّحْمِ وَاجْتِمَاعِ اللَّحْمِ فِيمَا سِوَاهَا، وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَنَحْوُهَا جَمِيعُ عُنُقِهَا لاَ يَخْتَلِفُ (٣) .

وَأَلْحَقَ الشَّافِعِيَّةُ بِالإِْبِل سَائِرَ مَا طَال عُنُقُهُ كَالإِْوَزِّ وَالْبَطِّ وَمَا قُدِرَ عَلَيْهِ مِنَ النَّعَامِ (٤) . وَأَوْجَبَ الْمَالِكِيَّةُ النَّحْرَ فِي الإِْبِل لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَصَل لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} وَقَاسُوا عَلَى الإِْبِل مَا قُدِرَ عَلَيْهِ مِنَ الزَّرَافِيِّ وَالْفِيَلَةِ.

وَأَجَازُوا الذَّبْحَ وَالنَّحْرَ - مَعَ أَفْضَلِيَّةِ الذَّبْحِ - فِي الْبَقَرِ لِوُرُودِ الذَّبْحِ فِيهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} ، وَأَمَّا النَّحْرُ فَقَدْ قِيل فِي تَعْلِيلِهِ عِنْدَهُمْ: إِنَّ عُنُقَ الْبَقَرَةِ لَمَّا كَانَ فَوْقَ الشَّاةِ وَدُونَ عُنُقِ الْبَعِيرِ جَازَ فِيهَا الأَْمْرَانِ جَمِيعًا الذَّبْحُ وَالنَّحْرُ؛ لِقُرْبِ خُرُوجِ الدَّمِ مِنْ جَوْفِهَا بِالذَّبْحِ، وَالنَّحْرُ فِيهِ أَخَفُّ، وَلَمْ يَجُزِ الذَّبْحُ فِي الْبَعِيرِ لِبُعْدِ خُرُوجِ الدَّمِ مِنْ جَوْفِهَا بِالذَّبْحِ.


(١) سورة البقرة / ٦٧.
(٢) سورة الصافات / ١٠٧.
(٣) البدائع ٥ / ٤٠، ٤١، والمقنع ٣ / ٥٣٨.
(٤) الإقناع بحاشية البجيرمي ٤ / ٢٤٩، ٢٥٠.