للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زَهُوقُ رُوحِهِ بِمَحْضِ الذَّبْحِ: فَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْل صَاحِبِ " الْبَدَائِعِ ": ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَوْ أَنَّ رَجُلاً قَطَعَ شَاةً نِصْفَيْنِ ثُمَّ إِنَّ رَجُلاً فَرَى أَوْدَاجَهَا وَالرَّأْسُ يَتَحَرَّكُ، أَوْ شَقَّ رَجُلٌ بَطْنَهَا فَأَخْرَجَ مَا فِي جَوْفِهَا وَفَرَى رَجُلٌ آخَرُ الأَْوْدَاجَ فَإِنَّ هَذَا لاَ يُؤْكَل لأَِنَّ الْفِعْل الأَْوَّل قَاتِلٌ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إِنْ كَانَتِ الضَّرْبَةُ مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ لَمْ تُؤْكَل الشَّاةُ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ أُكِلَتْ؛ لأَِنَّ الْعُرُوقَ الْمَشْرُوطَةَ فِي الذَّبْحِ مُتَّصِلَةٌ مِنَ الْقَلْبِ إِلَى الدِّمَاغِ، فَإِذَا كَانَتِ الضَّرْبَةُ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ فَقَدْ قَطَعَهَا فَحَلَّتْ (١) ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ فَلَمْ يَقْطَعْهَا فَلَمْ تَحِل (٢) .

وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ (٣) بِمَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ هَذِهِ الشَّرِيطَةِ، وَمَثَّل لَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِمَا لَوِ اقْتَرَنَ بِذَبْحِ الشَّاةِ مَثَلاً نَزْعُ الْحَشْوَةِ، أَوْ نَخْسُ الْخَاصِرَةِ، أَوِ الْقَطْعُ مِنَ الْقَفَا فَلاَ تَحِل الشَّاةُ لاِجْتِمَاعِ مُبِيحٍ وَمُحَرِّمٍ فَيُغَلَّبُ الْمُحَرِّمُ (٤) .

وَالظَّاهِرُ أَنَّ سَائِرَ الْمَذَاهِبِ لاَ يُخَالِفُ فِي هَذِهِ


(١) يؤخذ من هذا أن الذبح بالمعنى الشامل للنحر عند صاحب هذا الرأي لا يختص بالعنق، بل يشمل كل شق فوق القلب تنقطع به العروق الواجب قطعها في الذبح والنحر.
(٢) البدائع ٥ / ٥١، ٥٢.
(٣) الخرشي على خليل بحاشية العدوي ٢ / ٣١٠، والبجيرمي على الإقناع ٤ / ٢٤٨، والروضة البهية ٢ / ٢٦٨.
(٤) البجيرمي على الإقناع ٤ / ٢٤٨.