للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُثْنِي عَلَى مَنْ تَمَيَّزَ بِفِعْلٍ أَوْ فَضْلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَيَحْمَدُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانُوا يُظْهِرُونَ سُرُورَهُمْ بِذَلِكَ، كَقَوْلِهِ: إِنِّي أَكِل قَوْمًا إِلَى مَا جَعَل اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْغِنَى مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَال عَمْرٌو: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُمْرَ النَّعَمِ. (١) وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُلِئَ عَمَّارٌ إِيمَانًا إِلَى مُشَاشِهِ (٢) .

لَكِنْ عَلَى الْمُؤْمِنِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ يَتَجَنَّبَ أُمُورًا:

الأَْوَّل: لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ الْحَمْدَ وَالثَّنَاءَ بِمَا لَيْسَ حَقًّا وَمَا لَمْ يَفْعَل، بِأَنْ يُرَائِيَ فَيُظْهِرَ لِلنَّاسِ مَا لَيْسَ فِيهِ مِنَ الْفَضَائِل، أَوْ يَدَّعِيَ بِأَفْعَال خَيْرٍ لَمْ يَفْعَلْهَا، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} (٣) وَقَوْلُهُ: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا


(١) حديث: " إني أكل قومًا إلى ما جعل الله في قلوبهم. . . " أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ٢٥٠ - ط السلفية) من حديث عمرو بن تغلب.
(٢) حديث: " ملئ عمار إيمانًا إلى مشاشه " أخرجه النسائي (٨ / ١١١ - ط المكتبة التجارية) ، والحاكم (٣ / ٣٩٢ - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. والمشاش رؤوس العظام اللينة التي يمكن مضغها. ومفرده مشاشة وهو ما أشرف من عظم المنكب. (لسان العرب والنهاية لابن الأثير) .
(٣) سورة آل عمران / ١٨٨.