للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَال ابْنُ عَابِدِينَ: فِي هَذَا التَّعْبِيرِ كَمَا قَال شَمْسُ الأَْئِمَّةِ: إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُؤْجَرُ، وَيَكْفِيهِ أَنْ يَنْحُوَ رَأْسًا بِرَأْسٍ. اهـ.

قَال فِي النِّهَايَةِ: لأَِنَّ لَفْظَ " لاَ بَأْسَ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ غَيْرُهُ؛ لأَِنَّ الْبَأْسَ الشِّدَّةُ. وَلِهَذَا نُقِل فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ عَنِ الْمُضْمَرَانِ أَنَّ الصَّرْفَ إِلَى الْفُقَرَاءِ أَفْضَل وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.

وَقِيل: يُكْرَهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُزَيَّنَ الْمَسَاجِدُ (١) الْحَدِيثَ.

وَقِيل: يُسْتَحَبُّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِكْرَامِ الْمَسَاجِدِ وَرَفْعِ شَأْنِهَا. وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا.

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ قَدْ يَشْغَل الْمُصَلِّيَ، فَإِنْ زُيِّنَ الْمَسْجِدُ بِالذَّهَبِ بِطَرِيقَةٍ لاَ تَشْغَل الْمُصَلِّيَ جَازَ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ (٢) .

وَقَدْ صَرَّحَ عُلَمَاءُ الشَّافِعِيَّةِ فِي أَصَحِّ وَجْهَيْنِ بِتَحْرِيمِ تَحْلِيَةِ الْكَعْبَةِ وَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ بِالذَّهَبِ لِمَا


(١) حديث: " إن من أشراط الساعة أن تزين المساجد. . . . " ورد في حاشية ابن عابدين (١ / ٦٥٨ - ط الحلبي) ، ولم نهتد إليه في المصادر الموجودة لدينا، ولكن ورد عن أنس مرفوعًا: " لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد " أخرجه أبو داود (١ / ٣١١ - تحقيق عزت عبيد
(٢) فتح القدير (١ / ٢٩٩) ، وحاشية ابن عابدين (١ / ٦٥٨ ط مصطفى الحلبي) ، والفتاوى الهندية (٥ / ٣١٩) ، ومواهب الجليل (١ / ١٣٠، ٢ / ٣٠٠) ، والمجموع (٦ / ٤٢) ، ونهاية المحتاج (١ / ٩١) ، ومغني المحتاج (١ / ٢٩، ٣٩٣) ، وكشاف القناع (١ / ٢٣٨) ، ومطالب أولي النهى (٢ / ٩١) .