للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْهُ، وَهُوَ قَوْل عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَاحْتَجَّ أَصْحَابُهُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ بِصِيَامِ مَنِ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الشُّهُورُ، وَأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَقَعَ صِيَامُهُ قَبْل رَمَضَانَ أَوْ بَعْدَهُ (١) ".

وَإِلَى نَفْسِ هَذَا الرَّأْيِ ذَهَبَ النَّوَوِيُّ فَقَال: " إِنَّ كُل مَا وَرَدَ فِي رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ مِنَ الْفَضَائِل وَالأَْحْكَامِ حَاصِلٌ سَوَاءٌ كَانَ رَمَضَانُ ثَلاَثِينَ أَوْ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، سَوَاءٌ صَادَفَ الْوُقُوفُ الْيَوْمَ التَّاسِعَ أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطِ انْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ فِي ابْتِغَاءِ الْهِلاَل ".

وَقَال ابْنُ حَجَرٍ: " الْحَدِيثُ يُطَمْئِنُ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَوْ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ فِي غَيْرِ يَوْمِهَا اجْتِهَادًا (٢) ".

وَنَظَرًا إِلَى أَنَّ حُصُول النَّقْصِ فِي رَمَضَانَ وَاضِحٌ، وَفِي ذِي الْحِجَّةِ غَيْرُ وَاضِحٍ لِوُقُوعِ الْمَنَاسِكِ فِي أَوَّلِهِ فَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ الْعَيْنِيُّ بِقَوْلِهِ: " قَدْ تَكُونُ أَيَّامُ الْحَجِّ مِنَ الإِْغْمَاءِ وَالنُّقْصَانِ مِثْل مَا يَكُونُ فِي آخِرِ رَمَضَانَ بِأَنْ يُغَمَّى هِلاَل ذِي الْقَعْدَةِ وَيَقَعُ فِيهِ الْغَلَطُ بِزِيَادَةِ يَوْمٍ أَوْ نُقْصَانِهِ فَيَقَعُ عَرَفَةُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ أَوِ الْعَاشِرِ مِنْهُ، فَمَعْنَاهُ أَنَّ أَجْرَ الْوَاقِفِينَ بِعَرَفَةَ فِي مِثْلِهِ لاَ يَنْقُصُ عَمَّا لاَ غَلَطَ فِيهِ ".


(١) العيني، عمدة القاري ١٠ / ٢٨٥ - ٢٨٦
(٢) ابن حجر، فتح الباري ٤ / ١٢٦، والقسطلاني، إرشاد الساري ٣ / ٣٥٩.