للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّجْعَةِ؛ لأَِنَّ الإِْنْسَانَ قَدْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يَنْدَمُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى مَا أَشَارَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَل جَلاَلُهُ بِقَوْلِهِ: {لاَ تَدْرِي لَعَل اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (١) فَيَحْتَاجُ إِلَى التَّدَارُكِ، فَلَوْ لَمْ تَثْبُتِ الرَّجْعَةُ لاَ يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ، لِمَا عَسَى أَنْ لاَ تُوَافِقَهُ الْمَرْأَةُ فِي تَجْدِيدِ النِّكَاحِ وَلاَ يُمْكِنُهُ الصَّبْرُ عَنْهَا فَيَقَعُ فِي الزِّنَا (٢) " لِذَا شُرِعَتِ الرَّجْعَةُ لِلإِْصْلاَحِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَهَذِهِ حِكْمَةٌ جَلِيلَةٌ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ.

٣ - وَقَدْ ثَبَتَتْ مَشْرُوعِيَّةُ الرَّجْعَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ، وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ ذَلِكَ:

- أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاَحًا} (٣) وقَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} (٤) .

وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَدْ وَرَدَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا (٥) ، فَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ


(١) سورة الطلاق / ١.
(٢) بدائع الصنائع ٣ / ١٨١.
(٣) سورة البقرة / ٢٢٨.
(٤) سورة البقرة / ٢٣١.
(٥) حديث عمر بن الخطاب أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها. أخرجه أبو داود (٢ / ٧١٢ - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، والحاكم (٢ / ١٩٧ - ط دائرة المعارف العثمانية) ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.