للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (١) وَأَوَّل مَا يُقْطَعُ مِنَ السَّارِقِ يَدُهُ الْيُمْنَى؛ لأَِنَّ الْبَطْشَ بِهَا أَقْوَى فَكَانَتِ الْبِدَايَةُ بِهَا أَرْدَعَ؛ وَلأَِنَّهَا آلَةُ السَّرِقَةِ، فَكَانَتِ الْعُقُوبَةُ بِقَطْعِهَا أَوْلَى.

٤ - وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِنْ سَرَقَ ثَانِيًا قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال فِي السَّارِقِ: إِذَا سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، فَإِنْ عَادَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ (٢) وَلأَِنَّهُ فِي الْمُحَارَبَةِ الْمُوجِبَةِ قَطْعَ عُضْوَيْنِ إِنَّمَا تُقْطَعُ يَدُهُ وَرِجْلُهُ، وَلاَ تُقْطَعُ يَدَاهُ، وَحُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَرَبِيعَةَ أَنَّهُ إِنْ سَرَقَ ثَانِيًا تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (٣) وَلأَِنَّ الْيَدَ آلَةُ السَّرِقَةِ وَالْبَطْشِ فَكَانَتِ الْعُقُوبَةُ بِقَطْعِهَا أَوْلَى، قَال ابْنُ قُدَامَةَ - بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَا الْقَوْل - وَهَذَا شُذُوذٌ يُخَالِفُ قَوْل جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الأَْمْصَارِ مِنْ أَهْل الْفِقْهِ وَالأَْثَرِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ.

٥ - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا سَرَقَ ثَالِثًا بَعْدَ قَطْعِ


(١) سورة المائدة / ٣٨.
(٢) حديث أبي هريرة: " إذا سرق السارق فاقطعوا يده " أخرجه الدراقطني (٣ / ١٨١ - ط دار المحاسن) وأعله شمس الحق العظيم آبادي في تعليقه عليه بضعف أحد رواته، ولكن له شاهد من حديث جابر بن عبد الله، أخرجه أبو داود (٤ / ٥٦٥ - ٥٦٦ - تحقيق عزت عبيد دعاس) .
(٣) سورة المائدة / ٣٨.