للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَضَاءُ عَلِيٍّ وَأَبِي قَتَادَةَ فَكَانَ تَبَرُّعًا؛ لِقَصْدِ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَدِينِ الْمُتَوَفَّى لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَالْكَلاَمُ فِيمَنْ نَوَى الرُّجُوعَ لاَ فِيمَنْ تَبَرَّعَ،

هَكَذَا جَاءَ فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ وَشَرْحِ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ، لَكِنَّ ابْنَ قُدَامَةَ ذَكَرَ رِوَايَةً فِي أَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَقَضَى بِغَيْرِ إِذْنٍ أَيْضًا فَإِنَّهُ لاَ يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَلَوْ نَوَى الرُّجُوعَ، بِدَلِيل حَدِيثِ عَلِيٍّ وَأَبِي قَتَادَةَ فَإِنَّهُمَا لَوْ كَانَا يَسْتَحِقَّانِ الرُّجُوعَ عَلَى الْمَيِّتِ صَارَ الدَّيْنُ لَهُمَا فَكَانَتْ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ مَشْغُولَةً بِدَيْنِهِمَا كَاشْتِغَالِهَا بِدَيْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَلَمْ يُصَل عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأَِنَّهُ تَبَرَّعَ بِذَلِكَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَلَفَ دَوَابَّهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ.

وَقَال الْحَنَابِلَةُ أَيْضًا: إِنْ قَضَى الدَّيْنَ وَلَمْ يَنْوِ رُجُوعًا وَلاَ تَبَرُّعًا بَل ذَهِل عَنْ قَصْدِهِ الرُّجُوعَ وَعَدَمَهُ لَمْ يَرْجِعْ كَالْمُتَبَرِّعِ لِعَدَمِ قَصْدِهِ الرُّجُوعَ. (١)

٢٢ - هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِدَيْنِ الآْدَمِيِّ، أَمَّا دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ فَإِنَّ مَنْ أَدَّى زَكَاةَ غَيْرِهِ دُونَ إِذْنِهِ فَلاَ يُجْزِئُ مَا أَدَّاهُ عَنِ الزَّكَاةِ لاِشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهَا وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ، وَلاَ رُجُوعَ لَهُ بِمَا أَدَّى، إِلاَّ أَنَّ الزَّكَاةَ إِنْ أَخْرَجَهَا أَحَدٌ بِغَيْرِ عِلْمِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ، أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ الإِْمَامِ فَمُقْتَضَى قَوْل أَصْحَابِنَا فِي الأُْضْحِيَّةِ يَذْبَحُهَا


(١) كشاف القناع ٣ / ٣٧١ - ٣٧٢، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٥٠، والمغني ٤ / ٦٠٧ - ٦٠٩