للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْحَنَابِلَةِ - لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَحِل لِلرَّجُل أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً ثُمَّ يَرْجِعَ فِيهَا إِلاَّ الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ (١) . وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ لِذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، وَلاَ فِي هِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرَّجُل أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا (٢) أَيْ لَمْ يُعَوَّضْ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ عِوَضٌ مَعْنًى؛ لأَِنَّ التَّوَاصُل سَبَبُ التَّنَاصُرِ وَالتَّعَاوُنِ فِي الدُّنْيَا، فَيَكُونُ وَسِيلَةً إِلَى اسْتِيفَاءِ النُّصْرَةِ، وَسَبَبِ الثَّوَابِ فِي الدَّارِ الآْخِرَةِ، فَكَانَ أَقْوَى مِنَ الْمَال، وَأَمَّا امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ بِالنِّسْبَةِ لِهِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ؛ فَلأَِنَّ صِلَةَ الزَّوْجِيَّةِ تَجْرِي مَجْرَى صِلَةِ الْقَرَابَةِ الْكَامِلَةِ، بِدَلِيل أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ التَّوَارُثِ فِي جَمِيعِ الأَْحْوَال.

وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ إِلَى الْفَقِيرِ بَعْدَ قَبْضِهَا؛ لأَِنَّ الْهِبَةَ إِلَى الْفَقِيرِ صَدَقَةٌ؛ لأَِنَّهُ يَطْلُبُ بِهَا الثَّوَابَ كَالصَّدَقَةِ وَلاَ رُجُوعَ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى الْفَقِيرِ بَعْدَ قَبْضِهَا لِحُصُول الثَّوَابِ


(١) الحطاب ٦ / ٦٤، والمهذب ١ / ٤٥٤، والمغني ٥ / ٦٨٢ - ٦٨٣، وحديث: " لا يحل للرجل أن يعطي عطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده " أخرجه الترمذي (٤ / ٤٤٢ - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمرو، وقال: " حديث حسن صحيح ".
(٢) حديث: " الرجل أحق بهبته ما لم يثب منها " أخرجه ابن ماجه (٢ / ٧٩٨ - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وضعفه البوصيري في مصباح الزجاجة (٢ / ٤٠ - ط دار الجنان) .