للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ جَوَازِ دَفْعِ الْمَال إِلَيْهِ قَبْل رُشْدِهِ، وَعَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ (١) } فَقَدْ عَلَّقَ دَفْعَ الْمَال إِلَيْهِمْ عَلَى شَرْطَيْنِ: الْبُلُوغِ، وَإِينَاسِ الرُّشْدِ. وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ عَلَى شَرْطَيْنِ لاَ يَثْبُتُ بِدُونِهِمَا، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ (٢) } يَعْنِي أَمْوَالَهُمْ.

وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِل هُوَ فَلْيُمْلِل وَلِيُّهُ بِالْعَدْل (٣) } فَأَثْبَتَ الْوِلاَيَةَ عَلَى السَّفِيهِ؛ وَلأَِنَّهُ مُبَذِّرٌ لِمَالِهِ فَلاَ يَجُوزُ دَفْعُهُ إِلَيْهِ كَمَنْ لَهُ دُونَ ذَلِكَ (٤) .

هَذَا وَالْخِلاَفُ فِي اسْتِدَامَةِ الْحَجْرِ إِلَى إِينَاسِ الرُّشْدِ، أَوْ إِلَى بُلُوغِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً إِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ بَلَغَ مُبَذِّرًا. فَإِنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لِلْمَال فَاسِقًا فِي الدِّينِ اسْتُدِيمَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ (٥) } وَالْفَاسِقُ لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ الرُّشْدُ؛ وَلأَِنَّ حِفْظَهُ لِلْمَال لاَ يُوثَقُ بِهِ مَعَ الْفِسْقِ


(١) سورة النساء / ٦.
(٢) سورة النساء / ٥.
(٣) سورة البقرة / ٢٨٢.
(٤) المغني ٤ / ٥٠٦ - ٥٠٧ ط. الرياض، الكافي ٢ / ١٩٦ ط. المكتب الإسلامي.
(٥) سورة النساء / ٦.