للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَيَحْرُمُ طَلَبُ الرِّشْوَةِ، وَبَذْلُهَا، وَقَبُولُهَا، كَمَا يَحْرُمُ عَمَل الْوَسِيطِ بَيْنَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي (١) .

غَيْرَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلإِْنْسَانِ - عِنْدَ الْجُمْهُورِ - أَنْ يَدْفَعَ رِشْوَةً لِلْحُصُول عَلَى حَقٍّ، أَوْ لِدَفْعِ ظُلْمٍ أَوْ ضَرَرٍ، وَيَكُونُ الإِْثْمُ عَلَى الْمُرْتَشِي دُونَ الرَّاشِي (٢) .

قَال أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُل عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ بِالرِّشْوَةِ (٣) .

وَفِي حَاشِيَةِ الرَّهُونِيِّ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَال: إِذَا عَجَزْتَ عَنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَاسْتَعَنْتَ عَلَى ذَلِكَ بِوَالٍ يَحْكُمُ بِغَيْرِ الْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ أَثِمَ دُونَكَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ زَوْجَةً يُسْتَبَاحُ فَرْجُهَا، بَل يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْكَ؛ لأَِنَّ مَفْسَدَةَ الْوَالِي أَخَفُّ مِنْ مَفْسَدَةِ الزِّنَا وَالْغَصْبِ، وَكَذَلِكَ اسْتِعَانَتُكَ بِالأَْجْنَادِ يَأْثَمُونَ وَلاَ تَأْثَمُ، وَكَذَلِكَ فِي غَصْبِ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا، وَحُجَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّادِرَ مِنَ الْمُعِينِ عِصْيَانٌ لاَ مَفْسَدَةَ فِيهِ، وَالْجَحْدَ وَالْغَصْبَ عِصْيَانٌ وَمَفْسَدَةٌ، وَقَدْ جَوَّزَ الشَّارِعُ الاِسْتِعَانَةَ بِالْمَفْسَدَةِ - لاَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَفْسَدَةٌ - عَلَى دَرْءِ


(١) المغني ٩ / ٧٨، كشاف القناع ٦ / ٣١٦، الزواجر ٢ / ١٨٨، الكبائر للذهبي ١٤٢، نهاية المحتاج ٨ / ٢٤٣، نيل الأوطار ٨ / ٢٧٧، ابن عابدين ٤ / ٣٠٣، مواهب الجليل ٦ / ١٢٠، المحلى ٩ / ١٣١، ١٥٧
(٢) كشاف القناع ٦ / ٣١٦، نهاية المحتاج ٨ / ٢٤٣، القرطبي ٦ / ١٨٣، ابن عابدين ٤ / ٣٠٤، الحطاب ٦ / ١٢١، المحلى ٩ / ١٥٧، مطالب أولي النهى ٦ / ٤٧٩.
(٣) القرطبي ٦ / ١٨٣.