للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ (١) ، وَاخْتَلَفُوا فِي كَوْنِ الرِّضَا فِي التَّصَرُّفَاتِ شَرْطًا أَوْ لاَ؟ .

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الرِّضَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعُقُودِ الَّتِي تَقْبَل الْفَسْخَ - وَهِيَ الْعُقُودُ الْمَالِيَّةُ مِنْ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَنَحْوِهَا - أَيْ أَنَّهَا لاَ تَصِحُّ إِلاَّ مَعَ التَّرَاضِي، وَقَدْ تَنْعَقِدُ الْمَالِيَّةُ لَكِنَّهَا تَكُونُ فَاسِدَةً كَمَا فِي بَيْعِ الْمُكْرَهِ وَنَحْوِهِ، وَيَقُول الْمَرْغِينَانِيُّ:؛ لأَِنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ هَذِهِ الْعُقُودِ التَّرَاضِيَ (٢) " وَجَاءَ فِي التَّلْوِيحِ: أَنَّهُ - أَيِ الْبَيْعَ - يَعْتَمِدُ الْقَصْدَ تَصْحِيحًا لِلْكَلاَمِ، وَيَعْتَمِدُ الرِّضَا؛ لِكَوْنِهِ مِمَّا يَحْتَمِل الْفَسْخَ، بِخِلاَفِ الطَّلاَقِ " وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ أَصْل الْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ تَنْعَقِدُ بِدُونِ الرِّضَا، لَكِنَّهَا لاَ تَكُونُ صَحِيحَةً، يَقُول أَمِيرُ بَادْشَاهْ الْحَنَفِيُّ: وَيَنْعَقِدُ بَيْعُ الْمُخْطِئِ نَظَرًا إِلَى أَصْل الاِخْتِيَارِ؛ لأَِنَّ الْكَلاَمَ صَدَرَ عَنْهُ بِاخْتِيَارِهِ، أَوْ بِإِقَامَةِ الْبُلُوغِ مَقَامَ الْقَصْدِ، لَكِنْ يَكُونُ فَاسِدًا غَيْرَ نَافِذٍ لِعَدَمِ الرِّضَا حَقِيقَةً (٣) ".

وَأَمَّا الْعُقُودُ الَّتِي لاَ تَقْبَل الْفَسْخَ فِي نَظَرِهِمْ،


(١) حديث: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس " أخرجه أحمد (٥ / ٧٢ - ط الميمنية) من حديث أبي حرة الرقاشي عن عمه مرفوعًا. وأورده الهيثمي في المجمع (٤ / ١٧٢ - ط القدسي) وقال: " رواه أبو يعلى، وأبو حرة وثقه أبو داود وضعفه ابن معين ".
(٢) الهداية - مع تكملة فتح القدير ٧ / ٢٩٣ - ٢٩٤، والبحر الرائق ٨ / ٨١.
(٣) تيسير التحرير ٢ / ٣٠٦.