للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِأَنْ لَمْ يَجِدِ الأَْبُ مَنْ تُرْضِعُ لَهُ غَيْرَهَا، أَوْ لَمْ يَقْبَل الطِّفْل ثَدْيَ غَيْرِهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلأَْبِ وَلاَ لِلطِّفْل مَالٌ، فَيَجِبُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ، وَلَكِنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَالُوا: يَجِبُ عَلَى الأُْمِّ إِرْضَاعُ الطِّفْل اللِّبَأَ وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهَا، وَاللِّبَأُ مَا يَنْزِل بَعْدَ الْوِلاَدَةِ مِنَ اللَّبَنِ؛ لأَِنَّ الطِّفْل لاَ يَسْتَغْنِي عَنْهُ غَالِبًا، وَيُرْجَعُ فِي مَعْرِفَةِ مُدَّةِ بَقَائِهِ لأَِهْل الْخِبْرَةِ (١) .

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَجِبُ عَلَى الأُْمِّ دِيَانَةً لاَ قَضَاءً (٢) .

وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ عَلَى وُجُوبِ الاِسْتِرْضَاعِ عَلَى الأَْبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (٣) } .

وَإِنِ اخْتَلَفَا فَقَدْ تَعَاسَرَا، وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلأَِنَّ إِجْبَارَ الأُْمِّ عَلَى الرَّضَاعِ لاَ يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِحَقِّ الْوَلَدِ، أَوْ لِحَقِّ الزَّوْجِ، أَوْ لَهُمَا: لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِحَقِّ الزَّوْجِ، لأَِنَّهُ لاَ يَمْلِكُ إِجْبَارَهَا عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهَا، وَلاَ عَلَى خِدْمَةِ نَفْسِهِ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ. وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِحَقِّ الْوَلَدِ؛ لأَِنَّهُ لَوْ كَانَ لِحَقِّهِ لَلَزِمَهَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ؛ وَلأَِنَّ الرَّضَاعَ مِمَّا يَلْزَمُ الْوَالِدَ لِوَلَدِهِ، فَلَزِمَ الأَْبَ عَلَى الْخُصُوصِ كَالنَّفَقَةِ، أَوْ كَمَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ.


(١) أسنى المطالب ٣ / ٤٤٥، نهاية المحتاج ٧ / ٢٢١ - ٢٢٢
(٢) المصادر السابقة.
(٣) سورة الطلاق / ٦.