للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُوَ رَجُلٌ، وَفِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ شَيْءٌ فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرْضِعِيهِ حَتَّى يَدْخُل عَلَيْكِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ قَال: أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ (١) فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخَذَتْ بِهِ عَائِشَةُ، وَأَبَى غَيْرُهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذْنَ بِهِ، مَعَ أَنَّ عَائِشَةَ رَوَتْ عَنْهُ قَال: الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ (٢) لَكِنَّهَا رَأَتِ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ رَضَاعَةً أَوْ تَغْذِيَةً. فَمَتَى كَانَ الْمَقْصُودُ الثَّانِيَ لَمْ يُحَرِّمْ إِلاَّ مَا كَانَ قَبْل الْفِطَامِ،

وَهَذَا هُوَ إِرْضَاعُ عَامَّةِ النَّاسِ. وَأَمَّا الأَْوَّل فَيَجُوزُ إِنِ احْتِيجَ إِلَى جَعْلِهِ ذَا مَحْرَمٍ.

وَقَدْ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ مَا لاَ يَجُوزُ لِغَيْرِهَا، وَهَذَا قَوْلٌ مُتَوَجِّهٌ.

وَقَال: رَضَاعُ الْكَبِيرِ تَنْتَشِرُ بِهِ الْحُرْمَةُ فِي حَقِّ الدُّخُول وَالْخَلْوَةِ إِذَا كَانَ قَدْ تَرَبَّى فِي الْبَيْتِ بِحَيْثُ لاَ يَحْتَشِمُونَ مِنْهُ لِلْحَاجَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ عَائِشَةَ وَعَطَاءٍ وَاللَّيْثِ (٣) .


(١) حديث: " أرضعيه حتى يدخل عليك " أخرجه مسلم (٢ / ١٠٧٧ - ط الحلبي) ، ورواية مالك في الموطأ (٢ / ٦٠٥ - ط الحلبي) .
(٢) حديث: " الرضاعة من المجاعة " أخرجه البخاري (الفتح ٩ / ١٤٦ - ط السلفية) ، ومسلم (٢ / ١٠٧٨ - ط الحلبي) .
(٣) بدائع الصنائع ٤ / ٦، وابن عابدين ٢ / ٤٠٣، والمغني ٧ / ٥٤٢، وكشاف القناع ٥ / ٤٤٥، ونهاية المحتاج ٧ / ١٦٦، ١٧٥، وأسنى المطالب ٣ / ٤١٦، والقليوبي ٤ / ٦٣، وحاشية الدسوقي ٢ / ٥٠٣، والفواكه الدواني ٢ / ٨٨، ومجموع فتاوى ابن تيمية ٣٤ / ٦٠، والاختيارات ٢٨٣، والإنصاف ٩ / ٣٣٤.