للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْفُقَهَاءِ (١) ؛ لأَِنَّهُ رَضَعَ لَبَنَهَا حَقِيقَةً وَالْوَلَدُ مَنْسُوبٌ إِلَيْهَا،

وَاخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَبَيْنَ الرَّجُل الَّذِي ثَابَ اللَّبَنُ بِوَطْئِهِ. فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْخِرَقِيُّ وَابْنُ حَامِدٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَبَيْنَ صَاحِبِ اللَّبَنِ أَنْ يَكُونَ اللَّبَنُ لَبَنَ حَمْلٍ يَنْتَسِبُ إِلَى الْوَاطِئِ بِأَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ.

أَمَّا إِنْ نَزَل اللَّبَنُ بِحَمْلٍ مِنَ الزِّنَى فَلاَ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَالْفَحْل الزَّانِي؛ لأَِنَّهُ لَبَنٌ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ؛ وَلأَِنَّ التَّحْرِيمَ بَيْنَهُمَا فَرْعٌ لِحُرْمَةِ الأُْبُوَّةِ، فَلَمَّا لَمْ تَثْبُتْ حُرْمَةُ الأُْبُوَّةِ لَمْ يَثْبُتْ مَا هُوَ فَرْعٌ لَهَا وَهُوَ الأَْوْجَهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (٢) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ لَبَنَ الْفَحْل يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَإِنْ نَزَل بِزِنًى، وَقَالُوا:؛ لأَِنَّهُ مَعْنًى يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ فَاسْتَوَى فِي ذَلِكَ مُبَاحُهُ وَمَحْظُورُهُ كَالْوَطْءِ. فَإِنَّ الْوَاطِئَ حَصَل مِنْهُ وَلَدٌ وَلَبَنٌ، ثُمَّ إِنَّ الْوَلَدَ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَاطِئِ فَكَذَلِكَ اللَّبَنُ؛ وَلأَِنَّهُ رَضَاعٌ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ إِلَى الْمُرْضِعَةِ


(١) روضة الطالبين ٩ / ١٦، أسنى المطالب ٣ / ٤١٨، المغني ٧ / ٥٤٤، بدائع الصنائع ٤ / ٤.
(٢) روضة الطالبين ٩ / ١٦، أسنى المطالب ٣ / ٤١٨، المغني ٧ / ٥٤٤، بدائع الصنائع ٤ / ٤، ابن عابدين ٢ / ٤١١، كشاف القناع ٥ / ٤٤٤.