للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " لاَ يُقْبَل عَلَى الرَّضَاعِ أَقَل مِنْ شَاهِدَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَظْهَرِ النَّكِيرُ مِنْ أَحَدٍ، فَصَارَ إِجْمَاعًا.

وَلأَِنَّ هَذَا مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَال فِي الْجُمْلَةِ، فَلاَ يُقْبَل فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ عَلَى الاِنْفِرَادِ؛ لأَِنَّ قَبُول شَهَادَتِهِنَّ بِانْفِرَادِهِنَّ فِي أُصُول الشَّرْعِ لِلضَّرُورَةِ، وَهِيَ ضَرُورَةُ عَدَمِ اطِّلاَعِ الرِّجَال عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ، فَإِذَا جَازَ الاِطِّلاَعُ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ لَمْ تَتَحَقَّقِ الضَّرُورَةُ.

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ مُطْلَقًا قَبْل الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ. وَيُعْمَل قَبْل الْعَقْدِ فِي غَيْرِ الرَّشِيدِ بِإِقْرَارِ أَحَدِ الأَْبَوَيْنِ، وَلَوْ أُمًّا، وَأَوْلَى بِإِقْرَارِهِمَا مَعًا، فَيُفْسَخُ إِذَا وَقَعَ، وَلاَ يُعْتَبَرُ إِقْرَارُهُمَا بَعْدَهُ. وَأَمَّا بَعْدَ الْعَقْدِ فَيُقْبَل شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، أَوْ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ إِنْ فَشَا ذَلِكَ قَبْل الْعَقْدِ، وَلاَ يُقْبَل شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ فَشَا ذَلِكَ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، وَبِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ؛ لأَِنَّهُ مِمَّا لاَ يَطَّلِعُ الرِّجَال عَلَيْهِ إِلاَّ نَادِرًا، وَلاَ يَثْبُتُ بِدُونِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ.

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِشَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْمَرْضِيَّةِ. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عُقْبَةَ قَال: تَزَوَّجْتُ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ، فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ