للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَل مِنْ ذَلِكَ، قَال: فَاقْرَأْهُ فِي كُل عَشْرٍ قَال: قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَل مِنْ ذَلِكَ. قَال: فَاقْرَأْهُ فِي كُل سَبْعٍ وَلاَ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ. فَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا. قَال: فَشَدَّدْتُ، فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيَّ، قَال: وَقَال لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي لَعَلَّكَ يَطُول بِكَ عُمُرٌ. قَال: فَصِرْتُ إِلَى الَّذِي قَال لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا كَبِرْتُ وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (١) .

قَال الشَّاطِبِيُّ: إِنَّ دُخُول الْمَشَقَّةِ وَعَدَمَهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ فِي الدَّوَامِ أَوْ غَيْرِهِ لَيْسَ أَمْرًا مُنْضَبِطًا بَل هُوَ إِضَافِيٌّ مُخْتَلِفٌ بِحَسَبِ اخْتِلاَفِ النَّاسِ فِي قُوَّةِ أَجْسَامِهِمْ أَوْ فِي قُوَّةِ عَزَائِمِهِمْ، أَوْ فِي قُوَّةِ يَقِينِهِمْ (٢) .

وَيَنْقَسِمُ الْحَرَجُ مِنْ حَيْثُ الْقُدْرَةُ عَلَى الاِنْفِكَاكِ وَعَدَمِهِ إِلَى عَامٍّ وَخَاصٍّ.

فَالْحَرَجُ الْعَامُّ هُوَ الَّذِي لاَ قُدْرَةَ لِلإِْنْسَانِ فِي الاِنْفِكَاكِ عَنْهُ غَالِبًا كَالتَّغَيُّرِ اللاَّحِقِ لِلْمَاءِ بِمَا لاَ يَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا، كَالتُّرَابِ وَالطُّحْلُبِ وَشِبْهِ ذَلِكَ.

وَالْحَرَجُ الْخَاصُّ هُوَ مَا كَانَ فِي قُدْرَةِ الإِْنْسَانِ الاِنْفِكَاكُ عَنْهُ غَالِبًا، كَتَغَيُّرِ الْمَاءِ بِالْخَل وَالزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِهِ.


(١) حديث عبد الله بن عمرو قال: " كنت أصوم الدهر " أخرجه مسلم (٢ / ٨١٣ - ٨١٤ - ط الحلبي) .
(٢) الاعتصام للشاطبي ١ / ٢٤٤، ٢٤٩، ٢٥٥ المكتبة التجارية الكبرى ١٩٥٥ م