للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شِهَابٍ: الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُل مُسْلِمٍ إِلاَّ أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ (١) ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَلأَِنَّ الْجُمُعَةَ يَجِبُ السَّعْيُ إِلَيْهَا وَلَوْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ فَلَمْ تَجِبْ عَلَى الْعَبْدِ كَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ، وَلأَِنَّ مَنْفَعَتَهُ مَمْلُوكَةٌ مَحْبُوسَةٌ عَلَى السَّيِّدِ فَأَشْبَهَ الْمَحْبُوسَ فِي الدَّيْنِ، وَلأَِنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَجَازَ لَهُ الْمُضِيُّ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ، وَلَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهَا كَسَائِرِ الْفَرَائِضِ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الرِّوَايَةِ الأُْخْرَى إِلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَكِنْ لاَ يَذْهَبُ إِلَيْهَا إِلاَّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ مَنَعَهُ سَيِّدُهُ تَرَكَهَا.

وَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ أَنَّ الْعَبْدَ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ ضَرِيبَةٌ مَعْلُومَةٌ يُؤَدِّيهَا إِلَى سَيِّدِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ؛ لأَِنَّ حَقَّ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ تَحَوَّل إِلَى الْمَال، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ (٢) .

وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْعَبْدِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ (٣) .

وَاخْتَلَفَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ، فَقَال بَعْضُهُمْ: إِنْ


(١) حديث: " الجمعة حق واجب على كل مسلم ". أخرجه أبو داود (١ / ٦٤٤ - تحقيق عزت عبيد دعاس) وصححه النووي على شرط الشيخين، كذا في نصب الراية للزيلعي (٢ / ١٩٩ - ط المجلس العلمي) .
(٢) المغني ٢ / ٣٣٩، وشرح المحلي على المنهاج ١ / ٢٦٨.
(٣) الزرقاني ٢ / ٦١، وروضة الطالبين ٢ / ٣٤.