للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاَللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (١) . وَقَدْ أَخَذَ الأَْئِمَّةُ أَكْثَرَ أَحْكَامِ هَذَا النِّكَاحِ مِنْ هَذِهِ الآْيَةِ.

فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الأَْصْل تَحْرِيمُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الزَّوَاجِ وَأَنَّهُ لاَ يَحِل، وَالْعَقْدُ فَاسِدٌ مَا لَمْ تَجْتَمِعْ شُرُوطٌ مُعَيَّنَةٌ تُفِيدُهَا الآْيَةُ. وَأَنَّ الْجَوَازَ إِذَا اجْتَمَعَتِ الشُّرُوطُ هُوَ مِنْ بَابِ الرُّخْصَةِ.

وَقَالُوا فِي حِكْمَةِ هَذَا التَّحْرِيمِ: إِنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الزَّوَاجِ يُؤَدِّي إِلَى رِقِّ الْوَلَدِ؛ لأَِنَّ الْوَلَدَ تَبَعٌ لأُِمِّهِ حُرِّيَّةً وَرِقًّا، وَلِمَا فِيهِ مِنَ الْغَضَاضَةِ عَلَى الْحُرِّ بِكَوْنِ زَوْجَتِهِ أَمَةً تُمْتَهَنُ فِي حَوَائِجِ سَيِّدِهَا وَحَوَائِجِ أَهْلِهِ. وَلِذَا قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَيُّمَا حُرٍّ تَزَوَّجَ أَمَةً فَقَدْ أَرَقَّ نِصْفَهُ (٢) .

وَاسْتَدَلُّوا بِمَا يَلِي:

١ - أَنَّ الآْيَةَ جَعَلَتْ إِبَاحَةَ هَذَا النِّكَاحِ لِمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ طَوْل حُرَّةٍ، وَلِمَنْ خَافَ الْعَنَتَ، فَدَلَّتْ بِمَفْهُومِهَا عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ هَذَانِ الشَّرْطَانِ فِيهِ، فَلاَ يَكُونُ مُبَاحًا لَهُ.

٢ - قَوْله تَعَالَى فِي آيَةٍ لاَحِقَةٍ مُشِيرًا إِلَى هَذَا النَّوْعِ مِنَ النِّكَاحِ: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِْنْسَانُ ضَعِيفًا} (٣) فَدَل عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ، وَالأَْصْل التَّحْرِيمُ.


(١) سورة النساء / ٢٥.
(٢) تفسير القرطبي ٥ / ١٣٦، ١٤٧، وفتح القدير ٢ / ٣٧٦.
(٣) سورة النساء / ٢٨.