للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْوَصِيَّةُ إِجْمَاعًا، بِشَرْطِهَا، وَيَكُونُ تَدْبِيرًا (ر: تَدْبِير) وَإِنْ أَوْصَى السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ بِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ مَالِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ:

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِذَلِكَ صَحِيحَةٌ، وَتُصْرَفُ جَمِيعُهَا إِلَى عِتْقِ الْعَبْدِ، فَإِنْ خَرَجَ الْعَبْدُ مِنَ الْوَصِيَّةِ عَتَقَ وَاسْتَحَقَّ بَاقِيَهَا بَعْدَ قِيمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْوَصِيَّةِ. ثُمَّ قَال الْحَنَفِيَّةُ: يُسْتَسْعَى بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا بَقِيَ مِنْهُ عَلَى الرِّقِّ.

وَوَجْهُ الصِّحَّةِ: أَنَّ الْجُزْءَ الشَّائِعَ يَتَنَاوَل الْعَبْدَ لأَِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الثُّلُثِ الشَّائِعِ. وَالْوَصِيَّةُ لَهُ بِنَفْسِهِ تَصِحُّ وَيَعْتِقُ، وَمَا فَضَل يَسْتَحِقُّهُ لأَِنَّهُ يَصِيرُ حُرًّا فَيَمْلِكُ بِالْوَصِيَّةِ، فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَال: أَعْتِقُوا عَبْدِي مِنْ ثُلُثِي وَأَعْطُوهُ مَا فَضَل مِنْهُ.

وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَكُونُ لَهُ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ الْجُزْءِ مِنْ رَقَبَتِهِ وَمِنْ سَائِرِ التَّرِكَةِ.

وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِمُعَيَّنٍ كَثَوْبٍ أَوْ دَارٍ، أَوْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلاً، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ؛ لأَِنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ، فَمَا وَصَّى لَهُ بِهِ يَكُونُ مِلْكًا لَهُمْ، فَكَأَنَّهُ أَوْصَى لِلْوَرَثَةِ بِمَا يَرِثُونَهُ.

وَقَال مَالِكٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: تَصِحُّ.

وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ: الْوَصِيَّةُ لِلرَّقِيقِ بَاطِلَةٌ بِكُل حَالٍ إِلاَّ أَنْ يُوصِيَ بِعِتْقِهِ.

أَمَّا إِنْ أَوْصَى بِمَالٍ لِعَبْدِ غَيْرِهِ فَيَصِحُّ اتِّفَاقًا.