للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَاسْتَثْنَى مَالِكٌ مَنْ قَذَفَ أَمَةً حَامِلاً مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَنَّهَا حَامِلٌ مِنْ زِنًا. وَدَلِيل عَدَمِ حَدِّ قَاذِفِ الرَّقِيقِ قَوْله تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (١) فَجَعَلَتِ الآْيَةُ: الْحَدَّ لِقَاذِفِ الْمُحْصَنَةِ، وَشَرْطُ الإِْحْصَانِ الْحُرِّيَّةُ (٢) . وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ وَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّا قَال جُلِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ كَمَا قَال (٣) . وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ كَانَ لِلَّهِ فِي ظَهْرِهِ حَدٌّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (٤) قَال ابْنُ حَجَرٍ: فَدَل الْحَدِيثُ عَلَى ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ الْحَدُّ فِي الدُّنْيَا لَذَكَرَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الآْخِرَةِ (٥) .

وَحَيْثُ انْتَفَى الْحَدُّ شُرِعَ التَّعْزِيرُ (٦) ، وَلِلْعَبْدِ إِنْ قَذَفَهُ سَيِّدُهُ أَوْ غَيْرُهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ


(١) سورة النور / ٤.
(٢) المغني ٨ / ٢١٦، والزرقاني ٨ / ٨٥، ٨٦.
(٣) حديث: " من قذف مملوكه وهو بريء ". أخرجه البخاري (الفتح ١٢ / ١٨٥ - ط السلفية) ، ومسلم (٣ / ١٢٨٢ - ط الحلبي) واللفظ للبخاري.
(٤) حديث: " من قذف مملوكه كان لله. . . " أورده ابن حجر في الفتح (١٢ / ١٨٥ - ط السلفية) وعزاه إلى النسائي، وسكت عليه.
(٥) فتح الباري ١٢ / ١٨٥ (ك الحدود - ب ٤٥ قذف العبيد) .
(٦) كشف القناع ٦ / ١٠٤، ١٠٥، والدر المختار بهامش حاشية ابن عابدين ٣ / ١٦٨.