للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَوْ قَتَل الْمُبَعَّضُ مُبَعَّضًا آخَرَ فَلاَ قِصَاصَ عَلَى الْقَوْل الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُقْتَل جُزْءُ الرِّقِّ بِجُزْءِ الرِّقِّ، بَل يُقْتَل جَمِيعُهُ بِجَمِيعِهِ حُرِّيَّةً وَرِقًّا شَائِعًا، فَلَوْ قُتِل بِهِ يَلْزَمُ قَتْل جُزْءِ حُرِّيَّةٍ بِجُزْءِ رِقٍّ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ (١) .

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِلَى أَنَّهُ يُقْتَل بِهِ إِنْ لَمْ تَزِدْ حُرِّيَّةُ الْقَاتِل عَلَى حُرِّيَّةِ الْمَقْتُول، بِأَنْ كَانَتْ بِقَدْرِهَا أَوْ أَقَل؛ لأَِنَّ الْمَقْتُول حِينَئِذٍ مُسَاوٍ لِلْقَاتِل أَوْ يَزِيدُ عَنْهُ حُرِّيَّةً، فَلَمْ يَفْضُل الْقَاتِل الْمَقْتُول بِشَيْءٍ، فَلاَ يَمْتَنِعُ الْقِصَاصُ.

وَلَوْ قَتَل الْحُرُّ مُبَعَّضًا لَمْ يُقْتَل بِهِ عِنْدَ مَنْ لاَ يَقْتُل الْحُرَّ بِالْعَبْدِ - وَهُمْ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ وَمَنْ مَعَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ - لِنَقْصِهِ بِرِقِّ بَعْضِهِ، وَكَذَا لَوْ قَتَل الْمُبَعَّضُ قِنًّا لَمْ يُقْتَل بِهِ، وَلَوْ قَتَل الْقِنُّ مُبَعَّضًا قُتِل بِهِ. (٢)

أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَلَوْ قَتَل الْمُبَعَّضُ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَ تَرَكَ مَالاً يَفِي بِبَاقِي قِيمَتِهِ فَهُوَ حُرٌّ وَيَثْبُتُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَلاَ قِصَاصَ لِلاِخْتِلاَفِ فِي أَنَّهُ يَعْتِقُ كُلُّهُ أَوْ لاَ، فَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْقِصَاصِ جَهْل الْمُسْتَحِقِّ، إِذْ هُوَ دَائِرٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ السَّيِّدَ أَوِ الْقَرِيبَ (٣) .


(١) الأشباه ص ١٩٧.
(٢) شرح المنهاج ٤ / ١٠٦، وشرح الشرقاوي على شرح التحرير ٢ / ٥٣١.
(٣) ابن عابدين ٣ / ١٥.