للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآْخَرَيْنِ - الشَّامِيِّ وَالْعِرَاقِيِّ - فَلَيْسَ بِمَشْرُوعٍ فِي الْجُمْلَةِ. قَال الْبُهُوتِيُّ: وَلاَ يَسْتَلِمُ وَلاَ يُقَبِّل الرُّكْنَيْنِ الآْخَرَيْنِ، لِقَوْل ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مِنَ الْبَيْتِ إِلاَّ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ (١) .

وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ بِكَرَاهَةِ اسْتِلاَمِ الرُّكْنَيْنِ الْعِرَاقِيِّ وَالشَّامِيِّ - وَهِيَ كَرَاهَةٌ تَنْزِيهِيَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - قَالُوا: لأَِنَّهُمَا لَيْسَا رُكْنَيْنِ حَقِيقَةً بَل مِنْ وَسَطِ الْبَيْتِ؛ لأَِنَّ بَعْضَ الْحَطِيمِ مِنَ الْبَيْتِ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يُسَنُّ اسْتِلاَمُ الرُّكْنَيْنِ وَلاَ تَقْبِيلُهُمَا. قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ تَقْبِيل الأَْرْكَانِ الثَّلاَثَةِ إِنَّمَا هُوَ نَفْيُ كَوْنِهِ سُنَّةً، فَلَوْ قَبَّلَهُنَّ أَوْ غَيْرَهُنَّ مِنَ الْبَيْتِ لَمْ يَكُنْ مَكْرُوهًا وَلاَ خِلاَفَ الأَْوْلَى، بَل يَكُونُ حَسَنًا، كَمَا نَقَلَهُ فِي الاِسْتِقْصَاءِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ قَال: وَأَيُّ الْبَيْتِ قَبَّل فَحَسَنٌ غَيْرَ أَنَّا نُؤْمَرُ بِالاِتِّبَاعِ. قَال الإِْسْنَوِيُّ: فَتَفَطَّنْ لَهُ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ مُهِمٌّ.

٢٠ - وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلاَفِ الأَْرْكَانِ فِي هَذِهِ الأَْحْكَامِ أَنَّ الرُّكْنَ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الأَْسْوَدُ فِيهِ فَضِيلَتَانِ: كَوْنُ الْحَجَرِ فِيهِ، وَكَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالْيَمَانِيُّ فِيهِ فَضِيلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ كَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.


(١) حديث ابن عمر: " لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين ". أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ٤٧٣ - ط السلفية) ، ومسلم (٢ / ٩٢٤ - ط الحلبي) واللفظ لمسلم.