للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَخَذَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَصِيرًا فَأَحْرَقَتْهُ حَتَّى صَارَ رَمَادًا، ثُمَّ أَلْزَقَتْهُ فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ (١) . مَعَ مَنْعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّدَاوِي بِالنَّجِسِ وَالْحَرَامِ.

أَمَّا الرَّمَادُ الْحَاصِل مِنْ أَصْلٍ نَجِسٍ بَعْدَ احْتِرَاقِهِ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ:

فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمُخْتَارُ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَالتُّونُسِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَخِلاَفُ الظَّاهِرِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الرَّمَادَ الْحَاصِل مِنِ احْتِرَاقِ شَيْءٍ نَجِسٍ أَوْ مُتَنَجِّسٍ طَاهِرٌ، وَالْحَرْقُ كَالْغَسْل فِي التَّطْهِيرِ (٢) . قَال فِي الدُّرِّ: (وَإِلاَّ لَزِمَ نَجَاسَةُ الْخُبْزِ فِي سَائِرِ الأَْمْصَارِ) أَيْ لأَِنَّهُ كَانَ يُخْبَزُ بِالرَّوْثِ النَّجِسِ، وَيَعْلَقُ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الرَّمَادِ، وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ (٣) .

وَلأَِنَّ النَّارَ تَأْكُل مَا فِيهِ مِنَ النَّجَاسَةِ، أَوْ تُحِيلُهُ إِلَى شَيْءٍ آخَرَ، فَيَطْهُرُ بِالاِسْتِحَالَةِ وَالاِنْقِلاَبِ، كَالْخَمْرِ إِذَا تَخَلَّلَتْ.

وَعَلَى ذَلِكَ فَالْمَخْبُوزُ بِالرَّوْثِ النَّجِسِ طَاهِرٌ


(١) حديث: " لما جرح وجه النبي صلى الله عليه وسلم ". أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ٩٧ - ط السلفية) من حديث سهل بن سعد.
(٢) حاشية ابن عابدين ١ / ٢١٧، وبدائع الصنائع للكاساني ١ / ٨٥، وحاشية الدسوقي ١ / ٥٧، ٥٨، ونهاية المحتاج ١ / ٢٣٠، وأسنى المطالب ١ / ١٩، والمغني ١ / ٧٢، وكشاف القناع ١ / ١٨٦، ١٨٧.
(٣) الدر المختار ١ / ٢١٧، ومواهب الجليل للحطاب ١ / ١٠٧.