للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلاَ يَخْفَى أَنَّ الأَْحْوَطَ فِي ذَلِكَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، قَال الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ: إِنَّ أَكْثَرَ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى أَنَّهَا أُمُورٌ تَعَبُّدِيَّةٌ، لاَ يُشْتَغَل بِالْمَعْنَى فِيهَا - أَيْ بِالْعِلَّةِ - وَالْحَاصِل أَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُلاَحَظَ مُجَرَّدُ الرَّمْيِ، أَوْ مَعَ الاِسْتِهَانَةِ، أَوْ خُصُوصُ مَا وَقَعَ مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَالأَْوَّل يَسْتَلْزِمُ الْجَوَازَ بِالْجَوَاهِرِ، وَالثَّانِي بِالْبَعْرَةِ وَالْخَشَبَةِ الَّتِي لاَ قِيمَةَ لَهَا، وَالثَّالِثُ بِالْحَجَرِ خُصُوصًا، فَلْيَكُنْ هَذَا أَوْلَى، لِكَوْنِهِ أَسْلَمَ، وَلِكَوْنِهِ الأَْصْل فِي أَعْمَال هَذِهِ الْمَوَاطِنِ، إِلاَّ مَا قَامَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ تَعْيِينِهِ (١) .

أَمَّا صِفَةُ الْمَرْمِيِّ بِهِ، فَقَدْ وَرَدَ فِي الأَْحَادِيثِ أَنَّهُ مِثْل حَصَى الْخَذْفِ وَحَصَى الْخَذْفِ هِيَ الَّتِي يُخْذَفُ بِهَا، أَيْ تُرْمَى بِهَا الطُّيُورُ وَالْعَصَافِيرُ، بِوَضْعِ الْحَصَاةِ بَيْنَ أُصْبُعَيِ السَّبَّابَةِ وَالإِْبْهَامِ وَقَذْفِهَا.

وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِي الرَّمْيِ أَنْ يَكُونَ بِمِثْل حَصَى الْخَذْفِ، فَوْقَ الْحِمَّصَةِ، وَدُونَ الْبُنْدُقَةِ، وَكَرِهُوا الرَّمْيَ بِالْحَجَرِ الْكَبِيرِ، وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ - الرَّمْيَ بِالْحَجَرِ الصَّغِيرِ الَّذِي كَالْحِمَّصَةِ، مَعَ مُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ؛ لأَِنَّهُ رَمْيٌ بِالْحَجَرِ فَيُجْزِئُهُ. وَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ، بَل لاَ بُدَّ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ.


(١) فتح القدير الموضع السابق، وفيه توسع في مدلول الرمي والنثر.