للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِفَةِ نَجَاسَةِ الأَْرْوَاثِ: فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هِيَ نَجِسَةٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ نَجَاسَةً خَفِيفَةً.

وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ النَّجَاسَةَ الْغَلِيظَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَا وَرَدَ نَصٌّ يَدُل عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ مُعَارِضٌ لَهُ يَدُل عَلَى طَهَارَتِهِ، وَإِنِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ. وَالْخَفِيفَةُ مَا تَعَارَضَ نَصَّانِ فِي طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الْغَلِيظَةُ مَا وَقَعَ الاِتِّفَاقُ عَلَى نَجَاسَتِهِ. وَالْخَفِيفَةُ مَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نَجَاسَتِهِ وَطَهَارَتِهِ (١) .

٣ - بِنَاءً عَلَى هَذَا الأَْصْل فَالأَْرْوَاثُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لأَِنَّهُ وَرَدَ نَصٌّ يَدُل عَلَى نَجَاسَتِهَا وَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبَ مِنْهُ أَحْجَارَ الاِسْتِنْجَاءِ فَأَتَى بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَرَمَى بِالرَّوْثَةِ وَقَال: هَذَا رِكْسٌ (٢) أَيْ: نَجِسٌ. وَلَيْسَ لَهُ نَصٌّ مُعَارِضٌ، وَإِنَّمَا قَال بَعْضُ


(١) بدائع الصنائع ١ / ٨٠، والفتاوى الخانية ١ / ١٩، وعمدة القارئ ٢ / ٣٠٤.
(٢) حديث ابن مسعود: " أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب منه أحجار الاستنجاء " أخرجه البخاري (الفتح ١ / ٢٥٦ - ط السلفية)