للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَضُمُّ كُل مَا يَأْتِي فِي الْحَوْل إِلَى النِّصَابِ الَّذِي عِنْدَهُ فَيُزَكِّيهِمَا جَمِيعًا عِنْدَ تَمَامِ حَوْل الأَْوَّل، قَالُوا: لأَِنَّهُ يُضَمُّ إِلَى جِنْسِهِ فِي النِّصَابِ فَوَجَبَ ضَمُّهُ إِلَيْهِ فِي الْحَوْل كَالنِّصَابِ، وَلأَِنَّ النِّصَابَ سَبَبٌ، وَالْحَوْل شَرْطٌ، فَإِذَا ضُمَّ فِي النِّصَابِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ، فَضَمُّهُ إِلَيْهِ فِي الْحَوْل الَّذِي هُوَ شَرْطٌ أَوْلَى؛ وَلأَِنَّ إِفْرَادَ كُل مَالٍ يُسْتَفَادُ بِحَوْلٍ يُفْضِي إِلَى تَشْقِيصِ الْوَاجِبِ فِي السَّائِمَةِ، وَاخْتِلاَفِ أَوْقَاتِ الْوَاجِبِ، وَالْحَاجَةِ إِلَى ضَبْطِ مَوَاقِيتِ التَّمَلُّكِ، وَوُجُوبِ الْقَدْرِ الْيَسِيرِ الَّذِي لاَ يُتَمَكَّنُ مِنْ إِخْرَاجِهِ، وَفِي ذَلِكَ حَرَجٌ، وَإِنَّمَا شُرِعَ الْحَوْل لِلتَّيْسِيرِ، وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا جَعَل عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (١) وَقِيَاسًا عَلَى نِتَاجِ السَّائِمَةِ وَرِبْحِ التِّجَارَةِ. وَاسْتَثْنَى أَبُو حَنِيفَةَ مَا كَانَ ثَمَنَ مَالٍ قَدْ زُكِّيَ فَلاَ يُضَمُّ، لِئَلاَّ يُؤَدِّيَ إِلَى الثَّنْيِ (٢) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى التَّفْرِيقِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السَّائِمَةِ وَبَيْنَ النُّقُودِ، فَقَالُوا فِي السَّائِمَةِ كَقَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، قَالُوا: لأَِنَّ زَكَاةَ السَّائِمَةِ مَوْكُولَةٌ إِلَى السَّاعِي، فَلَوْ لَمْ تُضَمَّ لأََدَّى ذَلِكَ إِلَى خُرُوجِهِ


(١) سورة الحج / ٧٨.
(٢) الثنى بكسر ففتح: تكرار الصدقة في المال الواحد لعام واحد. وروضة الطالبين ٣ / ٨٥.