للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ يَكُونَ مُحْتَكِرًا أَوْ مُدِيرًا، وَالْمُحْتَكِرُ هُوَ الَّذِي يَرْصُدُ بِسِلَعِهِ الأَْسْوَاقَ وَارْتِفَاعَ الأَْسْعَارِ، وَالْمُدِيرُ هُوَ مَنْ يَبِيعُ بِالسِّعْرِ الْحَاضِرِ ثُمَّ يُخْلِفُهُ بِغَيْرِهِ وَهَكَذَا، كَالْبَقَّال وَنَحْوِهِ.

فَالْمُحْتَكِرُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَبْلُغُ نِصَابًا، وَلَوْ فِي مَرَّاتٍ، وَبَعْدَ أَنْ يَكْمُل مَا بَاعَ بِهِ نِصَابًا يُزَكِّيهِ وَيُزَكِّي مَا بَاعَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ قَل، فَلَوْ أَقَامَ الْعَرْضُ عِنْدَهُ سِنِينَ فَلَمْ يَبِعْ ثُمَّ بَاعَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ إِلاَّ زَكَاةُ عَامٍ وَاحِدٍ يُزَكِّي ذَلِكَ الْمَال الَّذِي يَقْبِضُهُ. أَمَّا الْمُدِيرُ فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَبِيعَ بِشَيْءٍ وَلَوْ قَل، كَدِرْهَمٍ، وَعَلَى الْمُدِيرِ الَّذِي بَاعَ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ أَنْ يُقَوِّمَ عُرُوضَ تِجَارَتِهِ آخِرَ كُل حَوْلٍ وَيُزَكِّيَ الْقِيمَةَ، كَمَا يُزَكِّي النَّقْدَ. وَإِنَّمَا فَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ الْمُدِيرِ وَالْمُحْتَكِرِ لأَِنَّ الزَّكَاةَ شُرِعَتْ فِي الأَْمْوَال النَّامِيَةِ، فَلَوْ زَكَّى السِّلْعَةَ كُل عَامٍ - وَقَدْ تَكُونُ كَاسِدَةً - نَقَصَتْ عَنْ شِرَائِهَا، فَيَتَضَرَّرُ، فَإِذَا زُكِّيَتْ عِنْدَ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَتْ رَبِحَتْ فَالرِّبْحُ كَانَ كَامِنًا فِيهَا فَيُخْرِجُ زَكَاتَهُ؛ وَلأَِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمَالِكِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ مَالٍ مِنْ مَالٍ آخَرَ.

وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ تَقْوِيمَ السِّلَعِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ هُوَ لِلتَّاجِرِ الْمُدِيرِ خَاصَّةً دُونَ التَّاجِرِ الْمُحْتَكِرِ، وَأَنَّ الْمُحْتَكِرَ لَيْسَ عَلَيْهِ لِكُل حَوْلٍ زَكَاةٌ فِيمَا احْتَكَرَهُ بَل يُزَكِّيهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ عِنْدَ بَيْعِهِ وَقَبْضِ ثَمَنِهِ.

أَمَّا عِنْدَ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّ الْمُحْتَكِرَ كَغَيْرِهِ، عَلَيْهِ