للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَأْخُذُونَ الزَّكَاةَ مِنْ كُل الأَْمْوَال، إِلَى أَنْ فَوَّضَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خِلاَفَتِهِ أَدَاءَ الزَّكَاةِ عَنِ الأَْمْوَال الْبَاطِنَةِ إِلَى مُلاَّكِهَا، كَمَا يَأْتِي (١) .

وَدَلِيل ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (٢) وَقَوْل أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالاً كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ وَاتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ.

وَيَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ بَعْثُ السُّعَاةِ لأَِخْذِ الصَّدَقَاتِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِهِ كَانُوا يَبْعَثُونَ السُّعَاةَ، وَلأَِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ يَمْلِكُ الْمَال وَلاَ يَعْرِفُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْخَل. وَالْوُجُوبُ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الْمَالِكِيَّةِ (٣) ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} .

وَاَلَّذِينَ رَخَّصُوا لِلإِْمَامِ فِي عَدَمِ أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْ جَمِيعِ الأَْمْوَال أَوْ مِنْ بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ، إِنَّمَا هُوَ إِذَا عَلِمَ الإِْمَامُ أَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَأْخُذْهَا مِنْهُمْ أَخْرَجُوهَا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ، أَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّ إِنْسَانًا مِنَ النَّاسِ أَوْ جَمَاعَةً مِنْهُمْ لاَ يُخْرِجُونَ الزَّكَاةَ فَيَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ أَخْذُهَا مِنْهُمْ وَلَوْ قَهْرًا، كَمَا


(١) العناية على الهداية بهامش فتح القدير ١ / ٤٨٧.
(٢) سورة التوبة / ١٠٣.
(٣) المجموع ٦ / ١٦٧، ١٦٨، والدسوقي على الشرح الكبير ١ / ٤٤٣.