للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبَلَدِ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى الْيَمَنِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَال لَهُ: إِنِّي لَمْ أَبْعَثْكَ جَابِيًا وَلاَ آخِذَ جِزْيَةٍ وَلَكِنْ بَعَثْتُكَ لِتَأْخُذَ مِنْ أَغْنِيَاءِ النَّاسِ فَتَرُدَّ فِي فُقَرَائِهِمْ. فَقَال مُعَاذٌ: أَنَا مَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِشَيْءٍ وَأَنَا أَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهُ مِنِّي. (١) فَلَوْ نَقَلَهَا فِي غَيْرِ تِلْكَ الْحَال فَفِيهِ خِلاَفٌ يَأْتِي.

وَلَيْسَ لِلسَّاعِي أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الزَّكَاةِ لِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ أَحَدُ أَصْنَافِ أَهْل الزَّكَاةِ، كَمَا لَوْ كَانَ غَارِمًا أَوْ فَقِيرًا. وَلاَ يَأْخُذُ إِلاَّ مَا أَعْطَاهُ الإِْمَامُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ؛ لأَِنَّهُ يَقْسِمُ فَلاَ يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ.

١٥٣ - وَإِذَا تَلِفَ مِنْ مَال الزَّكَاةِ شَيْءٌ فِي يَدِ الإِْمَامِ أَوِ السَّاعِي ضَمِنَهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ بِتَفْرِيطٍ مِنْهُ بِأَنْ قَصَّرَ فِي حِفْظِهِ، وَكَذَا لَوْ عَرَفَ الْمُسْتَحِقِّينَ وَأَمْكَنَهُ التَّفْرِيقُ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَفْعَل حَتَّى تَلِفَتْ؛ لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ بِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ وَلَمْ يُفَرِّطْ لَمْ يَضْمَنْ (٢) .

قَال النَّوَوِيُّ: يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ وَالسَّاعِي وَكُل مَنْ يُفَوَّضُ إِلَيْهِ أَمْرُ تَفْرِيقِ الصَّدَقَاتِ أَنْ يَعْتَنِيَ بِضَبْطِ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَمَعْرِفَةِ أَعْدَادِهِمْ، وَأَقْدَارِ حَاجَاتِهِمْ، بِحَيْثُ يَقَعُ الْفَرَاغُ مِنْ جَمْعِ


(١) المغني ٢ / ٦٧٢، ٦٧٣، والمجموع ٦ / ١٧٤.
(٢) المجموع ٢ / ١٧٥، والشرح الكبير والدسوقي ١ / ٤٩٥.