للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّحْرِيمَ. وَلأَِنَّ الْحُكْمَ فِي الشَّرْعِيَّاتِ لاَ يَثْبُتُ إِلاَّ بَعْدَ الْعِلْمِ.

وَقَدْ أَوْضَحَ ابْنُ عَابِدِينَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّهُ لاَ تُقْبَل دَعْوَى الْجَهْل بِالتَّحْرِيمِ إِلاَّ مِمَّنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ أَمَارَةُ ذَلِكَ، بِأَنْ نَشَأَ وَحْدَهُ فِي شَاهِقٍ، أَوْ بَيْنَ قَوْمٍ جُهَّالٍ مِثْلِهِ لاَ يَعْلَمُونَ تَحْرِيمَهُ، أَوْ يَعْتَقِدُونَ إِبَاحَتَهُ، إِذْ لاَ يُنْكَرُ وُجُودُ ذَلِكَ. فَمَنْ زَنَى وَهُوَ كَذَلِكَ فِي فَوْرِ دُخُولِهِ دَارَنَا لاَ شَكَّ فِي أَنَّهُ لاَ يُحَدُّ، إِذِ التَّكْلِيفُ بِالأَْحْكَامِ فَرْعُ الْعِلْمِ بِهَا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَل قَوْل مَنِ اشْتَرَطَ الْعِلْمَ بِالتَّحْرِيمِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ نَقْل الإِْجْمَاعِ بِخِلاَفِ مَنْ نَشَأَ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ فِي دَارِ أَهْل الْحَرْبِ الْمُعْتَقِدِينَ حُرْمَتَهُ، ثُمَّ دَخَل دَارَنَا فَإِنَّهُ إِذَا زَنَى يُحَدُّ وَلاَ يُقْبَل اعْتِذَارُهُ بِالْجَهْل.

وَلاَ يَسْقُطُ الْحَدُّ بِجَهْل الْعُقُوبَةِ إِذَا عُلِمَ التَّحْرِيمُ، (١) لِحَدِيثِ مَاعِزٍ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَال فِي أَثْنَاءِ رَجْمِهِ رُدُّونِي إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ قَوْمِي قَتَلُونِي غَرُّونِي مِنْ نَفْسِي وَأَخْبَرُونِي أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ قَاتِلِي. (٢)


(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ١٤٢، دار إحياء التراث العربي، شرح فتح القدير ٥ / ٣٩، دار إحياء التراث العربي، حاشية الدسوقي ٤ / ٣١٦ دار الفكر، مغني المحتاج ٤ / ١٤٦ دار إحياء التراث العربي، كشاف القناع ٦ / ٩٧ عالم الكتب ١٩٨٣ م.
(٢) حديث ماعز في قصة رجمه وقوله: " ردوني. . . " أخرجه أبو داود (٤ / ٥٧٦ - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث جابر بن عبد الله وإسناده حسن.