للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِفَادَةِ الشُّبْهَةِ؛ لأَِنَّ الشُّبْهَةَ تُشْبِهُ الْحَقِيقَةَ فَمَا كَانَ أَقْوَى فِي إِثْبَاتِ الْحَقِيقَةِ كَانَ أَقْوَى فِي إِثْبَاتِ الشُّبْهَةِ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّا لِذَلِكَ بِأَنَّ حُرْمَتَهُنَّ ثَبَتَتْ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ، وَإِضَافَةُ الْعَقْدِ إِلَيْهِنَّ كَإِضَافَتِهِ إِلَى الذُّكُورِ، لِكَوْنِهِ صَادَفَ غَيْرَ الْمَحَل فَيَلْغُو؛ لأَِنَّ مَحَل التَّصَرُّفِ مَا يَكُونُ مَحَلًّا لِحُكْمِهِ وَهُوَ الْحِل هُنَا، وَهِيَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ فَيَكُونُ وَطْؤُهَا زِنًى حَقِيقَةً لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَالْحَقِّ فِيهَا. وَإِلَيْهِ الإِْشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} (١) وَالْفَاحِشَةُ هِيَ الزِّنَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} (٢) وَمُجَرَّدُ إِضَافَةِ الْعَقْدِ إِلَى غَيْرِ الْمَحَل لاَ عِبْرَةَ فِيهِ، أَلاَ تَرَى أَنَّ الْبَيْعَ الْوَارِدَ عَلَى الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا حَتَّى لاَ يُفِيدَ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا يُعْذَرُ بِالاِشْتِبَاهِ. وَمَحَل الْخِلاَفِ بَيْنَهُمْ فِي النِّكَاحِ الْمُجْمَعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَهِيَ حَرَامٌ عَلَى التَّأْبِيدِ. أَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ، كَالنِّكَاحِ بِلاَ وَلِيٍّ وَبِلاَ شُهُودٍ فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا لِتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ عِنْدَ الْكُل. فَالشُّبْهَةُ إِنَّمَا


(١) سورة النساء / ٢٢.
(٢) سورة الإسراء / ٣٢.