للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا الْخِلاَفُ مُتَرَتِّبٌ عَلَى خِلاَفٍ سَابِقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي انْتِقَال تَرِكَةِ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ إِلَى وَارِثِهِ، وَحَاصِل مَا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّرِكَةَ تَنْتَقِل إِلَى الْوَارِثِ إِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا دُيُونٌ مِنْ حِينِ وَفَاةِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ دَيْنٌ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي انْتِقَالِهَا إِلَى الْوَارِثِ بَعْدَ الْوَفَاةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، أَنَّ أَمْوَال التَّرِكَةِ تَنْتَقِل إِلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ مَعَ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِلتَّرِكَةِ أَمْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ لَهَا.

وَالثَّانِي: وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ يُمَيِّزُ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَتِ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرِقَةً بِالدَّيْنِ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقَةٍ بِهِ، فَإِنِ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ أَمْوَال التَّرِكَةِ تَبْقَى أَمْوَال التَّرِكَةِ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ وَلاَ تَنْتَقِل إِلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ فَالرَّأْيُ الرَّاجِحُ أَنَّ أَمْوَال التَّرِكَةِ تَنْتَقِل إِلَى الْوَرَثَةِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ، مَعَ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِهَذِهِ الأَْمْوَال.

وَالثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ أَمْوَال التَّرِكَةِ تَبْقَى عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَى أَنْ يُسَدَّدَ الدَّيْنُ سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لَهَا أَمْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ.

وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ مَنْ قَال بِأَنَّ التَّرِكَةَ تَنْتَقِل إِلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ الْوَفَاةِ وَقَبْل أَدَاءِ الدَّيْنِ قَال: إِنَّ