للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجَهَالاَتِهِمْ. (١)

قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلاَ تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ. (٢)

مَعْنَى الْحَدِيثِ لاَ تُعَطِّلُوا الْبُيُوتَ مِنَ الصَّلاَةِ فِيهَا وَالدُّعَاءِ وَالْقِرَاءَةِ فَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْقُبُورِ، فَأَمَرَ بِتَحَرِّي الْعِبَادَةِ بِالْبُيُوتِ وَنَهَى عَنْ تَحَرِّيهَا عِنْدَ الْقُبُورِ، عَكْسَ مَا يَفْعَلُهُ الْمُشْرِكُونَ مِنَ النَّصَارَى وَمَنْ تَشَبَّهَ بِهِمْ مِنْ هَذِهِ الأُْمَّةِ. وَالْعِيدُ اسْمُ مَا يَعُودُ مِنَ الاِجْتِمَاعِ الْعَامِّ عَلَى وَجْهٍ مُعْتَادٍ عَائِدًا مَا يَعُودُ السَّنَةَ أَوْ يَعُودُ الأُْسْبُوعَ أَوِ الشَّهْرَ وَنَحْوَ ذَلِكَ.

قَال فِي عَوْنِ الْمَعْبُودِ: قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: الْعِيدُ مَا يُعْتَادُ مَجِيؤُهُ وَقَصْدُهُ مِنْ زَمَنٍ وَمَكَانٍ مَأْخُوذٍ مِنَ الْمُعَاوَدَةِ وَالاِعْتِيَادِ، فَإِذَا كَانَ اسْمًا لِلْمَكَانِ فَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يُقْصَدُ فِيهِ الاِجْتِمَاعُ وَالاِنْتِيَابُ بِالْعِبَادَةِ وَبِغَيْرِهَا كَمَا أَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَعَرَفَةَ وَالْمَشَاعِرَ جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى عِيدًا لِلْحُنَفَاءِ وَمَثَابَةً لِلنَّاسِ، كَمَا جَعَل أَيَّامَ الْعِيدِ مِنْهَا عِيدًا. وَكَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَعْيَادٌ زَمَانِيَّةٌ وَمَكَانِيَّةٌ فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالإِْسْلاَمِ أَبْطَلَهَا وَعَوَّضَ الْحُنَفَاءَ مِنْهَا


(١) المجموع ٨ / ٢١٧.
(٢) حديث: " لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا. . . " أخرجه أبو داود (٢ / ٥٣٤ - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وحسنه ابن حجر كما في الفتوحات الربانية (٣ / ٣١٣ - ط المنيرية) .