للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَنَابِلَةِ وَابْنِ نَافِعٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَمَال إِلَيْهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إِلَى أَنَّ الْوَلاَءَ يَكُونُ لِمُعْتِقِهِ، حَتَّى وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لاَ وَلاَءَ لَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ لأَِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ. (١) وَقَوْلُهُ: الْوَلاَءُ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ. (٢) فَكَمَا أَنَّهُ لاَ يَزُول نَسَبُ إِنْسَانٍ وَلاَ وَلَدٌ عَنْ فِرَاشٍ بِشَرْطٍ، لاَ يَزُول وَلاَءٌ عَنْ عَتِيقٍ بِالشَّرْطِ، وَلِذَلِكَ لَمَّا أَرَادَ أَهْل بَرِيرَةَ أَنْ يَشْتَرِطُوا عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا وَلاَءَ بَرِيرَةَ إِذَا عَتَقَتْ قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اشْتَرِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاَءَ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَبِهَذَا أَيْضًا قَال النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ وَضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ، وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ مُعْتِقَهُ هُوَ الَّذِي يَرِثُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، قَال سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورٍ أَنَّ عُمَرَ وَابْنَ مَسْعُودٍ قَالاَ فِي مِيرَاثِ السَّائِبَةِ هُوَ لِلَّذِي أَعْتَقَهُ.

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ: إِنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً لاَ يَكُونُ لِمُعْتِقِهِ الْوَلاَءُ، قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَيَكُونُ وَلاَؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ، وَيَكُونُ عَقْدُ نِكَاحِهَا إِنْ كَانَتْ أُنْثَى - وَهُوَ قَوْل عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ.


(١) حديث: " الولاء لمن أعتق ". أخرجه البخاري (الفتح ٥ / ٣٢٦ - ط السلفية) ، ومسلم (٢ / ١١٤٣ - ط الحلبي) من حديث عائشة.
(٢) حديث: " الولاء بمنزلة النسب ". أخرجه البيهقي (١٠ / ٢٩٤ ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث علي بن أبي طالب، وإسناده صحيح.