للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ تَسْيِيبَ الْبَهَائِمِ بِمَعْنَى تَخْلِيَتِهَا وَرَفْعِ الْمَالِكِ يَدَهُ عَنْهَا حَرَامٌ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ تَضْيِيعِ الْمَال وَالتَّشَبُّهِ بِأَهْل الْجَاهِلِيَّةِ، (١) وَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ مَلَكَ بَهِيمَةً أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا مَا تَحْتَاجُهُ مِنْ عَلَفٍ وَسَقْيٍ، أَوْ إِقَامَةِ مَنْ يَرْعَاهَا، أَوْ تَخْلِيَتِهَا لِتَرْعَى حَيْثُ تَجِدُ مَا يَكْفِيهَا، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُل مِنْ خَشَاشِ الأَْرْضِ. (٢)

فَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ عَلَفِهَا أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ أَبَى أَوْ عَجَزَ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهَا أَوْ ذَبْحِهَا إِنْ كَانَتْ مِمَّا تُؤْكَل، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.

وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُجْبَرُ عَلَى الإِْنْفَاقِ دِيَانَةً وَلاَ يُجْبَرُ قَضَاءً. (٣)


(١) ابن عابدين ٢ / ٢٢٠، وفتح القدير ٥ / ٤٢٢، وأحكام القرآن لابن العربي ٢ / ٢٢٠، والقرطبي ٦ / ٣٣٥، والدسوقي ٤ / ٤١٧، ونهاية المحتاج ٨ / ١١٩، والأم ٦ / ١٨٩، ومطالب أولي النهى ٦ / ٣٥٤ - ٣٥٥، وكشاف القناع ٦ / ٢٢٧، والمغني ٨ / ٥٦٣.
(٢) حديث: " دخلت امرأة النار في هرة. . . " أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ٣٥٦ - ط السلفية) ، ومسلم (٤ / ٢٠٢٢ - ط الحلبي) واللفظ للبخاري.
(٣) البدائع ٤ / ٤٠، والقوانين الفقهية ص ٢٢٣، والحطاب ٤ / ٢٠٧، ومغني المحتاج ٣ / ٤٦٢، والمغني ٧ / ٦٣٤ - ٦٣٥.