للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ هَذَا غَيْرُ جَائِزٍ وَهُوَ مِنَ الْقِمَارِ الْمُحَرَّمِ؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا لاَ يَخْلُو مِنْ أَنْ يَغْنَمَ أَوْ يَغْرَمَ. وَسَوَاءٌ كَانَ مَا أَخْرَجَاهُ مُتَسَاوِيًا، مِثْل أَنْ يُخْرِجَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشْرَةَ دَنَانِيرَ، أَوْ مُتَفَاوِتًا، مِثْل أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا عَشْرَةً، وَالآْخَرُ خَمْسَةً.

وَذَهَبَ ابْنُ الْقَيِّمِ إِلَى أَنَّ هَذَا جَائِزٌ وَنَقَلَهُ عَنِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، لِعَدَمِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي اشْتِرَاطِ الْمُحَلِّل.

فَإِنْ أَدْخَلاَ بَيْنَهُمَا مُحَلِّلاً وَهُوَ ثَالِثٌ لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا جَازَ، وَبِهَذَا قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالزُّهْرِيِّ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ لِجَوَازِ رُجُوعِ الْجُعْل إِلَى مُخْرِجِهِ.

وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ عَلَى الْجَوَازِ بِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ أَدْخَل فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ لاَ يُؤْمَنُ أَنْ يُسْبَقَ، فَلَيْسَ بِقِمَارٍ، وَمَنْ أَدْخَل فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يُسْبَقَ فَهُوَ قِمَارٌ. (١)

فَجَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِمَارًا إِذَا أَمِنَ أَنْ يُسْبَقَ لأَِنَّهُ


(١) حديث: " من أدخل فرسا بين فرسين. . . ". أخرجه أبو داود (٣ / ٦٦ - ٦٧ - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة. وصوب إرساله، وصوب أبو حاتم الرازي وقفه على سعيد بن المسيب كذا فيما نقله عنه ابن حجر في التلخيص الحبير (٤ / ١٦٣ - ط شركة الطباعة الفنية) .