للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَكَذَا بَقَاءً. وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الرِّقَّ مَعْنًى لاَ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ فَلاَ يَقْطَعُ اسْتِدَامَتَهُ كَالْعِتْقِ، وقَوْله تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} ، (١) نَزَلَتْ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ، وَكَانُوا أَخَذُوا النِّسَاءَ دُونَ أَزْوَاجِهِنَّ، وَعُمُومُ الآْيَةِ مَخْصُوصٌ بِالْمَمْلُوكَةِ الْمُزَوَّجَةِ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ فَيَخُصُّ مِنْهُ مَحَل النِّزَاعِ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ. (٢)

٢٥ - الثَّانِي: أَنْ تُسْبَى الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا فَيَنْفَسِخَ النِّكَاحُ بِلاَ خِلاَفٍ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَالآْيَةُ دَالَّةٌ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَهُوَ الْحَدِيثُ السَّابِقُ، وَتَعْلِيل الْفَسْخِ وَسَبَبُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ هُوَ السَّبْيُ، أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَهُوَ اخْتِلاَفُ الدَّارِ. (٣)

٢٦ - الثَّالِثُ: أَنْ يُسْبَى الرَّجُل وَحْدَهُ فَعِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَأَبِي الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ - يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لاِخْتِلاَفِ الدَّارِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلِلسَّبْيِ عِنْدَ غَيْرِهِمْ.

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - غَيْرِ أَبِي الْخَطَّابِ - لاَ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لأَِنَّهُ لاَ نَصَّ فِيهِ، وَلاَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِيهِ. وَقَدْ سَبَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ مِنَ الْكُفَّارِ يَوْمَ بَدْرٍ فَمَنَّ عَلَى بَعْضِهِمْ وَفَادَى بَعْضًا. (٤) وَلَمْ يَحْكُمْ


(١) سورة النساء / ٢٤.
(٢) الاختيار ٣ / ١١٣، والبدائع ٢ / ٣٣٩، والمغني ٨ / ٤٢٧.
(٣) الاختيار ٣ / ١١٣، والبدائع ٢ / ٣٣٩، والدسوقي ٢ / ٢٠٠، والمهذب ٢ / ٢٤١، والمغني ٨ / ٤٢٧.
(٤) حديث: " سبى النبي صلى الله عليه وسلم سبعين من الكفار يوم بدر " أخرجه البخاري (الفتح ٧ / ٣٠٧ - ط السلفية) من حديث البراء بن عازب. وأما فداء بعضهم فقد ورد من حديث ابن عباس. أخرجه أبو داود (٣ / ١٣٩ - تحقيق عزت عبيد دعاس) .