للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَالْتَحَقَتْ بِأَفْعَال الصَّلاَةِ وَصَارَتْ جُزْءًا مِنْ أَجْزَائِهَا، وَلِذَا يَجِبُ أَدَاؤُهَا فِي الصَّلاَةِ مُضَيَّقًا كَسَائِرِ أَفْعَال الصَّلاَةِ، وَمُقْتَضَى التَّضْيِيقِ فِي أَدَائِهَا حَال كَوْنِهَا فِي الصَّلاَةِ أَلاَّ تَطُول الْمُدَّةُ بَيْنَ التِّلاَوَةِ وَالسَّجْدَةِ، فَإِذَا مَا طَالَتْ فَقَدْ دَخَلَتْ فِي حَيِّزِ الْقَضَاءِ وَصَارَ آثِمًا بِالتَّفْوِيتِ عَنِ الْوَقْتِ.

وَكُل سَجْدَةٍ وَجَبَتْ فِي الصَّلاَةِ وَلَمْ تُؤَدَّ فِيهَا سَقَطَتْ وَلَمْ يَبْقَ السُّجُودُ لَهَا مَشْرُوعًا لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ، وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَتَلْزَمُهُ التَّوْبَةُ، وَذَلِكَ إِذَا تَرَكَهَا عَمْدًا حَتَّى سَلَّمَ وَخَرَجَ مِنْ حُرْمَةِ الصَّلاَةِ، أَمَّا لَوْ تَرَكَهَا سَهْوًا وَتَذَكَّرَهَا وَلَوْ بَعْدَ السَّلاَمِ قَبْل أَنْ يَفْعَل مُنَافِيًا فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. (١)

قَال الزَّرْقَانِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُتَطَهِّرَ وَقْتَ جَوَازٍ إِذَا قَرَأَهَا وَلَمْ يَسْجُدْهَا يُطَالَبُ بِسُجُودِهَا مَا دَامَ عَلَى طَهَارَتِهِ وَفِي وَقْتِ الْجَوَازِ، وَإِلاَّ لَمْ يُطَالَبْ بِقَضَائِهَا لأَِنَّهُ مِنْ شَعَائِرِ الْفَرَائِضِ. (٢)

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ عَقِبَ قِرَاءَةِ آيَةِ السَّجْدَةِ أَوِ اسْتِمَاعِهَا، فَإِنْ أَخَّرَ وَقَصُرَ الْفَصْل سَجَدَ، وَإِنْ طَال فَاتَتْ، وَهَل تُقْضَى؟ قَوْلاَنِ: أَظْهَرُهُمَا لاَ تُقْضَى؛ لأَِنَّهَا تُفْعَل لِعَارِضٍ فَأَشْبَهَتْ صَلاَةَ الْكُسُوفِ، وَضَبْطُ طُول الْفَصْل أَوْ قِصَرِهِ


(١) بدائع الصنائع ١ / ١٨٠ - ١٩٢، الدر المختار ورد المحتار ١ / ٥١٧ - ٥١٨.
(٢) شرح الزرقاني ١ / ٢٧٦.