للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيُكْرَهُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الْجِمَاعُ مَعَ الشَّكِّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي؛ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعَرُّضِ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ؛ وَلأَِنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَتَقَوَّى بِهِ (١) .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لاَ يَأْكُل؛ لأَِنَّهُ يُحْتَمَل أَنَّ الْفَجْرَ قَدْ طَلَعَ، فَيَكُونُ الأَْكْل إِفْسَادًا لِلصَّوْمِ، فَيَتَحَرَّزُ عَنْهُ، قَال صَاحِبُ الْبَدَائِعِ: وَالأَْصْل فِيهِ مَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: الْحَلاَل بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ. . . (٢)

كَمَا قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ (٣) وَلَوْ أَكَل وَهُوَ شَاكٌّ لاَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ؛ لأَِنَّ فَسَادَ الصَّوْمِ مَشْكُوكٌ فِيهِ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ، مَعَ أَنَّ الأَْصْل هُوَ بَقَاءُ اللَّيْل، فَلاَ يَثْبُتُ النَّهَارُ بِالشَّكِّ (٤) .

وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: إِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ


(١) كشاف القناع ٢ / ٣٣١، والإنصاف ٣ / ٣٣٠.
(٢) حديث: " الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهة ". أخرجه البخاري (الفتح ٤ / ٢٩٠ - ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٢١٩ - ط الحلبي) من حديث النعمان بن بشير واللفظ للبخاري.
(٣) حديث: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ". أخرجه الترمذي (٤ / ٦٦٨ - ط الحلبي) من حديث الحسن بن علي، وقال: حديث حسن صحيح.
(٤) مراقي الفلاح ٣٧٣، وبدائع الصنائع ٢ / ١٠٥، ومواهب الجليل ٢ / ٣٩٧، ومغني المحتاج ١ / ٤٣٥، ونهاية المحتاج ٣ / ١٧٧، والمجموع ٦ / ٣٦٠.