للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِغَيْرِهِ، وَأَنَّهُ قَدْ أَخَذَهُ دُونَ عِلْمِ مَالِكِهِ وَدُونَ رِضَاهُ. وَعَلَى ذَلِكَ لاَ يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ أَخَذَ مَالاً وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مَالٌ مُبَاحٌ أَوْ مَتْرُوكٌ. وَلاَ يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْمُؤَجِّرِ الَّذِي يَأْخُذُ الْعَيْنَ الَّتِي آجَرَهَا، وَلاَ عَلَى الْمُودِعِ الَّذِي يَأْخُذُ الْوَدِيعَةَ دُونَ رِضَا الْوَدِيعِ (١) .

ج - أَنْ تَنْصَرِفَ نِيَّةُ الآْخِذِ إِلَى تَمَلُّكِ مَا أَخَذَهُ، وَلِهَذَا لاَ يُقَامُ حَدُّ السَّرِقَةِ عَلَى مَنْ أَخَذَ مَالاً مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ دُونَ أَنْ يَقْصِدَ تَمَلُّكَهُ، كَأَنْ أَخَذَهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ ثُمَّ يَرُدَّهُ، أَوْ أَخَذَهُ عَلَى سَبِيل الدُّعَابَةِ، أَوْ أَخَذَهُ لِمُجَرَّدِ الاِطِّلاَعِ عَلَيْهِ، أَوْ أَخَذَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّ مَالِكَهُ يَرْضَى بِأَخْذِهِ، مَا دَامَتِ الْقَرَائِنُ تَدُل عَلَى ذَلِكَ، وَمِنَ الْقَرَائِنِ الَّتِي تَدُل عَلَى نِيَّةِ التَّمَلُّكِ، إِخْرَاجُ الْمَال مِنَ الْحِرْزِ لِغَيْرِ مَا سَبَقَ، بِحَيْثُ يُعْتَبَرُ سَارِقًا لِتَوَافُرِ قَصْدِ التَّمَلُّكِ حِينَئِذٍ وَلَوْ أَتْلَفَهُ بِمُجَرَّدِ إِخْرَاجِهِ - أَمَّا لَوْ أُتْلِفَ دَاخِل الْحِرْزِ فَلاَ تَظْهَرُ نِيَّةُ التَّمَلُّكِ، وَلِهَذَا لاَ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ (٢) .

د - لاَ يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى السَّارِقِ إِلاَّ إِذَا كَانَ مُخْتَارًا فِيمَا أَقْدَمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا انْعَدَمَ الْقَصْدُ وَسَقَطَ الْحَدُّ عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّ السَّرِقَةَ تُبَاحُ بِالإِْكْرَاهِ؛ لأَِنَّ الإِْكْرَاهَ شُبْهَةٌ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ


(١) فتح القدير ٤ / ٢٣١، والقوانين الفقهية ص ٣٦٠، والمهذب ٢ / ٢٧٧، والمغني ٩ / ٨٣.
(٢) فتح القدير ٤ / ٢٣٠ وما بعدها، وتبصرة الحكام ٢ / ٣٥٣، المهذب ٢ / ٢٧٧، ومنتهى الإرادات ٢ / ٤٨٠.