للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلاَ يُقَامُ الْحَدُّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى سَرِقَةِ الثِّمَارِ الْمُعَلَّقَةِ أَوِ الْكَثَرِ، وَلَوْ كَانَتْ فِي بُسْتَانٍ مُحَاطٍ بِسُوَرٍ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلاَ فِي كَثَرٍ (١) . فَأَمَّا إِذَا كَانَ النَّخْل أَوِ الشَّجَرُ دَاخِل دَارٍ مُحْرَزَةٍ، فَفِيمَا يُسْرَقُ الْقَطْعُ إِنْ بَلَغَ نِصَابًا (٢) .

وَإِقَامَةُ الْحَدِّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لاَ يَتَوَقَّفُ عَلَى صِفَةِ الْمَال مِنْ كَوْنِهِ تَافِهًا أَوْ لاَ، مُبَاحَ الأَْصْل أَوْ غَيْرَ مُبَاحٍ، مُعَرَّضًا لِلتَّلَفِ أَوْ لَيْسَ مُعَرَّضًا. وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يَسْتَثْنُونَ الْمَاءَ وَالْمِلْحَ وَالْكَلأََ وَالثَّلْجَ وَالسِّرْجِينَ، فَلاَ قَطْعَ فِي سَرِقَتِهَا؛ لاِشْتِرَاكِ النَّاسِ فِي بَعْضِهَا بِنَصِّ الْحَدِيثِ (٣) ، وَلِعَدَمِ تَمَوُّل الْبَعْضِ الآْخَرِ عَادَةً (٤) .

٢ - أَنْ يَبْلُغَ الْمَسْرُوقُ نِصَابًا.

٣٢ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى عَدَمِ إِقَامَةِ الْحَدِّ إِلاَّ إِذَا بَلَغَ الْمَال الْمَسْرُوقُ نِصَابًا (٥) .

وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَحْدِيدِ مِقْدَارِ النِّصَابِ،


(١) حديث: " لا قطع في ثمر ولا في كثر ". تقدم تخريجه ف ٢٩.
(٢) المغني ١٠ / ٢٦٢، ٢٦٣.
(٣) الحديث: " المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار ". أخرجه أبو داود (٣ / ٧٥١ - تحقيق عزت عبيد الدعاس) عن رجل من المهاجرين. وصحح إسناده الأرناؤوط جامع الأصول (١ / ٤٨٦ - ط الملاح) .
(٤) شرح منتهى الإرادات ٣ / ٣٦٤، المغني ١٠ / ٢٤٧.
(٥) ذهب بعض الفقهاء - ومنهم الحسن البصري - إلى عدم اشتراط النصاب لإقامة حد السرقة، فيقطع عندهم في القليل والكثير؛ لإطلاق قوله تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " لعن الله السارق. يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل (الفتح ١٢ / ٨١ - ط السلفية) من حديث أبي هريرة. وبداية المجتهد ٢ / ٤٣٧، والمغني ١٠ / ٤١.