للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْل الْحَدِيثِ إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْحِرْزِ لإِِقَامَةِ حَدِّ السَّرِقَةِ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (١) .

وَالْحِرْزُ نَوْعَانِ:

١ - حِرْزٌ بِنَفْسِهِ، وَيُسَمَّى حِرْزًا بِالْمَكَانِ: وَهُوَ كُل بُقْعَةٍ مُعَدَّةٍ لِلإِْحْرَازِ، يَمْنَعُ الدُّخُول فِيهَا إِلاَّ بِإِذْنٍ، كَالدَّارِ وَالْبَيْتِ.

٢ - وَحِرْزٌ بِغَيْرِهِ، وَيُسَمَّى حِرْزًا بِالْحَافِظِ: وَهُوَ كُل مَكَانٍ غَيْرُ مُعَدٍّ لِلإِْحْرَازِ، لاَ يَمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ دُخُولِهِ، كَالْمَسْجِدِ وَالسُّوقِ (٢) . وَلَمَّا كَانَ ضَابِطُ الْحِرْزِ وَتَحْدِيدُ مَفْهُومِهِ يَرْجِعُ إِلَى الْعُرْفِ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَنَوْعِ الْمَال الْمُرَادِ حِفْظُهُ، وَبِاخْتِلاَفِ حَال السُّلْطَانِ مِنَ الْعَدْل أَوِ الْجَوْرِ، وَمِنَ الْقُوَّةِ أَوِ الضَّعْفِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الشُّرُوطِ الْوَاجِبِ تَوَافُرُهَا لِيَكُونَ الْحِرْزُ تَامًّا، وَبِالتَّالِي يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ يَسْرِقُ مِنْهُ.


(١) سورة المائدة / ٣٨.
(٢) بدائع الصنائع ٧ / ٧٣، الخرشي ٨ / ١١٧، القليوبي وعميرة ٤ / ١٩٠ وما بعدها، المغني ١٠ / ٢٥١، وما بعدها.