للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلإِْحْرَازِ، يَدْخُل إِلَيْهِ بِدُونِ إِذْنٍ وَلاَ يُمْنَعُ مِنْهُ، كَالْمَسَاجِدِ وَالطُّرُقِ وَالأَْسْوَاقِ، وَهِيَ لاَ تُعْتَبَرُ حِرْزًا إِلاَّ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا حَافِظٌ (١) ، أَيْ شَخْصٌ لَيْسَ لَهُ مِنْ مَقْصِدٍ سِوَى الْحِرَاسَةِ وَالْحِفْظِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَقْصِدٌ آخَرُ فَلاَ يَكُونُ الْمَال مُحْرَزًا بِهِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ: لاَ يُقَامُ الْحَدُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى مَنْ يَسْرِقُ الْمَاشِيَةَ مِنَ الْمَرْعَى، وَلَوْ كَانَ الرَّاعِي مَعَهَا؛ لأَِنَّ عَمَل الرَّاعِي هُوَ الرَّعْيُ، وَالْحِرَاسَةُ تَحْصُل تَبَعًا لَهُ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ كَانَ مَعَ الرَّاعِي حَافِظٌ يَخْتَصُّ بِالْحِرَاسَةِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَكُونُ الْمَاشِيَةُ مُحْرَزَةً بِالْحَافِظِ، فَيُقَامُ الْحَدُّ.

وَلاَ يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ سَرَقَ مَتَاعًا تَرَكَهُ صَاحِبُهُ فِي الْمَسْجِدِ؛ لأَِنَّ الْمَسْجِدَ لاَ يُعْتَبَرُ مِنَ الأَْمَاكِنِ الْمُعَدَّةِ لِحِفْظِ الأَْمْوَال، وَيَدْخُل إِلَيْهِ بِلاَ إِذْنٍ، فَأَمَّا إِذَا سَرَقَ الْمَتَاعَ حَالَةَ وُجُودِ الْحَافِظِ، فَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، لِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ يَدَ سَارِقِ خَمِيصَةِ صَفْوَانَ، وَكَانَ نَائِمًا عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ (٢) . وَلاَ يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ يَسْرِقُ الْحِرْزَ بِالْحَافِظِ: كَمَنْ يَسْرِقُ بَعِيرًا،


(١)) بدائع الصنائع ٧ / ٧٣ - ٧٤، فتح القدير ٤ / ٢٤٠ - ٢٤٦، الفتاوى الهندية ٢ / ١٧٩.
(٢) نيل الأوطار ٧ / ١٤٣. وحديث: " قطع يد سارق خميصة صفوان ". أخرجه أبو داود (٤ / ٥٥٣ - تحقيق عزت عبيد الدعاس) ، والنسائي (٨ / ٦٩ - ط دار البشائر) والحاكم (٤ / ٣٨٠ - ط دائرة المعارف العثمانية) . وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.