للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ مِمَّا لاَ يُمْكِنُ دُخُولُهُ، كَصُنْدُوقٍ وَجَيْبٍ، فَلاَ يُشْتَرَطُ الدُّخُول (١) .

وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ: مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ قَال: اللِّصُّ إِذَا كَانَ ظَرِيفًا لاَ يُقْطَعُ. قِيل: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَال: أَنْ يَنْقُبَ الْبَيْتَ فَيُدْخِل يَدَهُ وَيُخْرِجَ الْمَتَاعَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَهُ (٢) .

وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ، وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ دُخُول الْحِرْزِ لَيْسَ شَرْطًا لِتَحَقُّقِ الأَْخْذِ وَهَتْكِ الْحِرْزِ، فَدُخُول الْحِرْزِ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ، بَل لأَِخْذِ الْمَال، فَإِذَا تَحَقَّقَ الْمَقْصُودُ بِمَدِّ الْيَدِ دَاخِل الْحِرْزِ وَإِخْرَاجِ الْمَال، كَانَ ذَلِكَ كَافِيًا فِي هَتْكِ الْحِرْزِ وَأَخْذِ الْمَال (٣) .

وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ: مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَسْرِقُ الْحُجَّاجَ بِمِحْجَنِهِ، فَقِيل لَهُ: أَتَسْرِقُ مَتَاعَ الْحُجَّاجِ؟ قَال: لَسْتُ أَسْرِقُ، وَإِنَّمَا يَسْرِقُ الْمِحْجَنُ. فَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: رَأَيْتُهُ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ. يَعْنِي: أَمْعَاءَهُ، لِمَا كَانَ يَتَنَاوَل مِنْ مَال الْحُجَّاجِ (٤) .


(١) بدائع الصنائع ٧ / ٦٦، الهداية ٢ / ٩٣.
(٢) المبسوط ٩ / ١٤٧.
(٣) فتح القدير ٤ / ٢٤٥، مواهب الجليل ٦ / ٣١٠، المهذب ٢ / ٢٩٧، المغني ١٠ / ٢٥٩.
(٤) حديث المحجن أخرجه مسلم (٢ / ٦٢٣ - ط الحلبي) من حديث جابر بلفظ: " حتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار، وكان يسرق الحاج بمحجنه، فإن فطن له قال: إنما تعلق بمحجني، وإن غفل عنه ذهب به ". والمحجن: كل معوج الرأس كالصولجان.