للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوهُ، ثُمَّ احْسِمُوهُ (١) . وَلَكِنَّ الْخِلاَفَ بَيْنَهُمْ فِي حُكْمِ الْحَسْمِ: فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَيْنِيٌّ عَلَى مَنْ قَامَ بِالْقَطْعِ؛ لأَِنَّ صِيغَةَ الأَْمْرِ فِي الْحَدِيثِ تُفِيدُ الْوُجُوبَ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ - فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُمْ - إِلَى أَنَّ الْحَسْمَ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، فَلاَ يَلْزَمُ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ، فَإِذَا قَامَ بِهِ الْقَاطِعُ أَوِ الْمَقْطُوعُ أَوْ غَيْرُهُمَا فَقَدْ حَصَل الْمَطْلُوبُ. وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الأَْمْرَ بِالْحَسْمِ يُحْمَل عَلَى النَّدْبِ، لاَ الْوُجُوبِ؛ لأَِنَّهُ حَقٌّ لِلْمَقْطُوعِ، لاَ لِتَمَامِ الْحَدِّ، فَيَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَنْ يَتْرُكَهُ. وَحِينَئِذٍ يُنْدَبُ لِلإِْمَامِ وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ مَصْلَحَةِ السَّارِقِ وَحِفْظُهُ مِنَ الْهَلاَكِ. وَلاَ يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوبِهِ عَلَى السَّارِقِ إِذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ أَحَدٌ، فَإِذَا تَعَذَّرَ عَلَى الْمَقْطُوعِ فِعْل الْحَسْمِ، لإِِغْمَاءٍ وَنَحْوِهِ وَتَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِهِ تَلَفٌ مُحَقَّقٌ، فَلاَ يَجُوزُ لِلإِْمَامِ إِهْمَالُهُ، بَل يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ، كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ. وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ: أَنَّ الْحَسْمَ تَتِمَّةٌ لِلْحَدِّ، فَيَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ فِعْلُهُ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُهْمِلَهُ (٢) .

٦٨ - وَيُسَنُّ - عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - تَعْلِيقُ


(١) حديث: " اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه ". أخرجه الدارقطني (٣ / ١٠٢ - ط دار المحاسن) من حديث أبي هريرة، ثم أشار إلى إعلاله بأنه روي مرسلا.
(٢) ابن عابدين ٣ / ٢٨٥، الفتاوى الهندية ٢ / ١٨٢، كشاف القناع ٦ / ١١٩، المغني والشرح الكبير ١٠ / ٢٦٦، الخرشي على خليل ٨ / ٩٢، القليوبي وعميرة ٤ / ١٩٨، مغني المحتاج ٤ / ١٧٨.