للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ إِلَى أَنَّهُ: إِذَا اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي سَرِقَةٍ وَكَانَ بَيْنَهُمْ مَنْ لاَ يَتَعَلَّقُ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهِ، كَصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ، فَإِنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ عَنِ الشُّرَكَاءِ كُلِّهِمْ؛ لأَِنَّ السَّرِقَةَ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ حَصَلَتْ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَمِمَّنْ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ، فَيَسْقُطُ الْقَطْعُ عَنِ الْجَمِيعِ، قِيَاسًا عَلَى اشْتَرَاكِ الْعَامِدِ مَعَ الْمُخْطِئِ فِي الْقَتْل، فَإِنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ عَنْهُمَا.

وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّ الْحَدَّ لاَ يَسْقُطُ إِلاَّ إِذَا كَانَ الصَّبِيُّ أَوِ الْمَجْنُونُ هُوَ الَّذِي وَلِيَ الأَْخْذَ وَالإِْخْرَاجَ؛ لأَِنَّ الإِْخْرَاجَ أَصْلٌ وَالإِْعَانَةَ كَالتَّابِعِ، فَإِذَا سَقَطَ الْقَطْعُ عَنِ الأَْصْل وَجَبَ سُقُوطُهُ عَنِ التَّابِعِ. أَمَّا إِذَا كَانَ الآْخِذُ وَالْمُخْرِجُ مُكَلَّفًا فَإِنَّهُ يَكُونُ قَدْ قَامَ بِالأَْصْل، فَلاَ يَسْقُطُ الْقَطْعُ عَنْهُ، وَإِنْ سَقَطَ عَنِ الصَّبِيِّ أَوِ الْمَجْنُونِ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - فِي الْوَجْهِ الآْخَرِ - إِلَى أَنَّ اشْتِرَاكَ مَنْ لاَ يَجِبُ قَطْعُهُ فِي السَّرِقَةِ لاَ يَسْقُطُ عَنْ سَائِرِ الشُّرَكَاءِ لأَِنَّ سَبَبَ امْتِنَاعِ قَطْعِهِ خَاصٌّ بِهِ، فَلاَ يَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ (١) .


(١)) بدائع الصنائع ٧ / ٦٧، المبسوط ٩ / ١٥١، تبصرة الحكام ٢ / ٣٥٢، شرح الزرقاني ٨ / ٩٥، أسنى المطالب ٤ / ١٣٨ - ١٣٩، مغني المحتاج ٤ / ١٦٠، المغني والشرح الكبير ١٠ / ٢٩٦ - ٢٩٧.