للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُبْعَثَ سَرِيَّةٌ دُونَ ثَلاَثَةِ نَفَرٍ (١) . فَتَأْوِيلُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الإِْشْفَاقِ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا فِي الدِّينِ، أَوْ يَكُونَ الْمُرَادُ بَيَانَ أَنَّ الأَْفْضَل: أَلاَّ يَخْرُجَ أَقَل مِنْ ثَلاَثَةٍ لِيَتَمَكَّنُوا مِنْ أَدَاءِ الصَّلاَةِ بِالْجَمَاعَةِ عَلَى هَيْئَاتِهَا بِأَنْ يَتَقَدَّمَ أَحَدُهُمْ، وَيَصْطَفَّ الاِثْنَانِ خَلْفَهُ.

وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى: فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ بَعْثِ السَّرَايَا الْقِتَال فَقَطْ، بَل تَارَةً يَكُونُ الْمَقْصُودُ أَنْ تَتَحَسَّسَ خَبَرَ الأَْعْدَاءِ فَتَأْتِيَهُ بِمَا عَزَمُوا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ، وَتَمَكُّنُ الْوَاحِدِ مِنَ الدُّخُول بَيْنَهُمْ لِتَحْصِيل هَذَا الْمَقْصُودِ أَظْهَرُ مِنْ تَمَكُّنِ الثَّلاَثَةِ.

وَقَدْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا بِالْخَبَرِ، وَيَمْكُثَ الآْخَرُ بَيْنَ الأَْعْدَاءِ لِيَقِفَ عَلَى مَا يَتَجَدَّدُ لَهُمْ مِنَ الرَّأْيِ بَعْدَ ذَهَابِ الْوَاحِدِ عَنْهُمْ، وَهُنَا يَتِمُّ الْغَرَضُ بِالْمُثَنَّى.

وَقَدْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ الْقِتَال، أَوِ التَّوَصُّل إِلَى قَتْل الْمُبَارِزِينَ مِنْهُمْ غِيلَةً، فَيَحْصُل هَذَا الْمَقْصُودُ بِالثَّلاَثَةِ فَصَاعِدًا، لِهَذَا كَانَ الرَّأْيُ فِي تَحْدِيدِ السَّرِيَّةِ إِلَى الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ يُنْظَرُ بِمَا فِيهِ مَصْلَحَةُ الْمُسْلِمِينَ (٢) .


(١) حديث: " نهى أن تبعث سرية دون ثلاثة نفر ". ذكره محمد بن الحسن الشيباني في السير الكبير (١ / ٦٧ - ٧٠) ولم نعثر عليه في المصادر الحديثية وكتب السير.
(٢) شرح السير الكبير ١ / ٦٥ وما بعده.